• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الإثنين 30 ديسمبر 2013 على الساعة 16:18

‎2013: الشرعية أولا.. الإصلاح لاحقا

‎2013: الشرعية أولا.. الإصلاح لاحقا يونس دافقير [email protected]
يونس دافقير dafkirt@yahoo.fr
يونس دافقير
[email protected]

حكاية السنة التي نودعها أعقد من أن تختزل في ميزان يقيس كيلوغرامات الإصلاح، ومقاسات الفشل والنجاح الاقتصادي والاجتماعي.

ابتدأت 2013 بأزمة أغلبية حكومية، وتطورت إلى أزمة حكومة انتهت بإعادة تشكيلها وميلاد النسخة الثانية من حكومة عبد الإله ابن كيران، التي ولدت في سياق دستور جديد وانتخابات تشريعية غير مسبوقة في نتائجها السياسية وأبعادها الحكومية.

‎قبل الوصول إلى ضفة الأمان، كان حزب العدالة والتنمية في قلب الأزمة، فبعد نشوة النصر الانتخابي الكاسح، وحماسة الإمساك بمقاليد الحكومة، يأتي الواقع المفزع لإخوان عبد الإله ابن كيران: فقدان الحكومة أمر وارد، والعودة إلى الكراسي القديمة في المعارضة مصير غير مستبعد..

‎ولهذا التخوف ما يدعمه، لم يكن الأمر يتعلق بحالة مغربية معزولة، في السياق الإقليمي لبلدان «الربيع العربي»، بدأت عمليات إعادة النظر في المعادلات السياسية التي أعقبت سقوط زين العابدين بنعلي في تونس، وحسني مبارك في مصر ومعمر القذافي في ليبيا… كانت حركة الشارع قد توقفت أو اتخذت مسارا آخر، واختل ميزان القوى السياسي الذي كان مصدر قوة التيارات الإسلامية..

‎في مصر سقط حكم جماعة الإخوان المسلمين واستعاد الجيش زمام المبادرة السياسية بشكل قطع مع المشهد السياسي الذي رسمه الاستفتاء الدستوري والانتخابات الرئاسية، وفي تونس بدأ الضعف يتسرب إلى الجسد السياسي لحركة النهضة، وتقوت المعارضة التي دخلت في حرب استنزاف سياسي أفقدت النهضة الكثير من سلطاتها التي أمسكت بها عقب انتخابات المجلس التأسيسي وتوافقات رئاسة الحكومة والدولة، وفي ليبيا كان إسقاط الحكومات رياضة وطنية شهرية…

‎وصل الصدى إلى المغرب في الوقت الذي كان تشكيل النسخة الثانية من حكومة ابن كيران يدخل متاهة مفاوضات أرادها التجمع الوطني للأحرار أن تتم بشروطه، حتى لو استغرق تعديل الحكومة أضعاف الوقت الذي احتاجته لتشكيل نسختها الأولى. في كواليس حزب العدالة والتنمية ورموزه البرلمانية، وفي صفحات عدد من الصحف، بدأ الحديث ينتشر عن توجه نحو استيراد النموذجين المصري والتونسي، وطي صفحة قيادة العدالة والتنمية لحكومة المملكة المغربية.

‎والمغرب يدير تداعيات صراعه الحزبي الداخلي، ويترقب قلقه من إمكانية حدوث نكوص ديمقراطي، تنفتح جبهة أخرى في الخارج، لأول مرة توضع السيادة الوطنية على الصحراء في محك حقيقي، الولايات المتحدة الأمريكية تبادر في خطوة غير مسبوقة إلى اقتراح توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية، وفي البرلمان الأوروربي والخارجية الأمريكية تخرج التقارير المخدومة تباعا…

‎باختصار، كانت سنة 2013 من الحالات النادرة التي واجه فيها المغاربة سؤال الديمقراطية وسؤال الوحدة الوطنية دفعة واحدة، وكان الجميع يترقب ما سيكون عليه الجواب المغربي في زمن سياسي أعادت فيه قوة الواقع ترتيب الأولويات، فبدل ملفات الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، تظهر في الواجهة الساخنة الملفات الأكثر حرقة…

‎في الصحراء، سينتفض المغرب الرسمي والشعبي، دفاعا عن الشرعية الدولية كما تحددها قرارات مجلس الأمن الدولي والقوانين المؤطرة لمهام المينورسو، وبعد أسابيع طوال من الضغط في العواصم الدولية وفي كواليس الأمم المتحدة ودهاليز صناعة القرار الأمريكي، تنتصر الشرعية ويؤكد المغرب سيادته على صحرائه، ليس فقط باستبعاد المقترح الأمريكي، وإنما أيضا بتصويت البرلمان الأوروبي على اتفاقية الصيد التي رفضها في السابق بدعوى أن الصحراء «أرض محتلة».

‎وكما انتصرت الشرعية في قضية الصحراء، انتصر القرار السياسي المغربي للشرعية الدستورية والانتخابية في تدبير الأزمة الحكومية، لم يساير القرار الاستراتيجي دعوات الانتخابات السابقة لأوانها التي كان بالإمكان أن تكون «انقلابا شعبيا» على نتائج 25 نونبر 2011 وليس بالضرورة تأكيدا لها، كما لم يركب المغرب جنون دعوات إلى تعديل الدستور في اتجاه منح التحالف الأول في البرلمان صلاحية تشكيل الحكومة بدل الحزب الأول في الانتخابات، باختصار رفض المغرب منطق الانقلاب السياسي على المعادلات التي أعقبت «الربيع العربي»، ولم يكن انتهازيا في التعاطي مع الضعف الإسلامي بعد سقوط الإخوان في مصر وانحسار تجربة النهضة في تونس.

‎هو انتصار للديمقراطية الناشئة في سقفها الدستوري والسياسي المتاح مرحليا، وإذا كان ذلك أبرز حدث يطبع روح سنة 2013، فإن الوضع لم يكن راكدا، على طول الأشهر الإثنتي عشرة التي نودعها كانت هناك مساحات مضيئة في الفضاء الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي والرياضي المغربي، لكنها أيضا سنة ازدادت فيها قوة وضغط التحديات التي أجلتها إعادة ترتيب الأولويات إلى سنة 2014. باختصار شديد، عشنا مغربيا سنة حكمها منطق الشرعية أولا والإصلاح لاحقا.