• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الثلاثاء 03 ديسمبر 2013 على الساعة 11:39

الحلم المراكشي

الحلم المراكشي لمختار لغزيوي [email protected]
لمختار لغزيوي larhzioui@gmail.com
لمختار لغزيوي [email protected]

شيء كالحلم أو يقترب منه تصنعه مراكش كل سنة، وتهديه لكل من يلتحق بمهرجانها العديديون يطرحون السؤال “لماذا يصلح هذا المهرجان؟ وأي استفادة نجنييها منه؟”.
الجواب يقدم نفسه كل سنة بصيغة أقدر على الإقناع. هذا الموعد يصلح لصناع الحلم المراكشي أو الحلم المغربي بكل اختصار. ويوم الجمعة الفارط ونحن نرى العالم السينمائي كله يتأرجح بين أيدينا كانت لنا مرة أخرى القدرة على معانقة هذا الحلم والإيمان به واعتباره أمرا لازم الإعادة والتكرار إلى ما شاء الله من نهاية لهذا الفيلم الجميل ذي النهاية السعيدة المسمى المغرب وحكايته مع الأقدار.
رقصة شارون ستون السحرية، واقتراب عادل إمام من الناس حد التماهي. تلك الكلمات التي انسابت على لسان كل الحضور أنكم “تتوفرون على البلد الوحيد في العالم العربي والإسلامي اليوم القادر فعلا على هذا الحتضان بكل قوته”.
مشهد سكورسيزي الكبير جاريا بقامته القصيرة ويعينيه الذكيتين وراء القامة الجميلة للمرأة التي لن تشيخ أبدا صاحبه “الحس البدائي” الرائع، والقادرة على الخروج منتصرة من كل “كازينو” اقتحمته.
ثم مشهد الناس في الليل رفقة الهنود في الساحة الكبرى للمدينة الحمراء. هل يحق أن نسميها الفناء وهي تعني كل أوجه الحياة، وهي تحمل فقراء الناس وبسطاءهم للقاء كالحلم مع النجوم مدة عابرة نعم، لكنها مدة قادرة على البقاء في الذهن إلى آخر الأيام. كلها علامات على حلم مراكشي صعب المنال أصبح في المتناول اليوم، وأضحت لديه الاستطاعة على البقاء وعلى تطوير نفسه يوما بعد الآخر بكل استحسان.
هل نقولها مجددا ونذكر الناس أن القاهرة لم تعد قادرة على احتضان فعل السينما وأن المهرجان الأقدم في العالم العربي قد لفظ أنفاسه؟ هل نذكر الكل بأن قاهرة الفنانين والكبار من عابري السينما الحقيقية لم تعد تتحمل مشهدا أو لقطة أو حتى كلاكيت صغيرة لأنها اقتنعت بالظلام السيء القبيح لا ظلام القاعات السينمائية الجميل؟
هل نذكر الآخرين أن تونس هي الأخرى فقدت قرطاجها وأصبح الأمر شبيها بواجب ثقيل بعد الانخراط في نوبة الجنون المسماة تدمير النفس بأي شكل من الأشكال ودون أي ربح على الإطلاق؟
هل ننعي للأمة مرة أخرى دمشق ومهرجانها الكبير, وجامعها الأموي, وصباياها الجميلات ونقول إن سوريا أصبح اليوم ملاذ تكرار الأسماء المحزنة للنصرة والقاعدة والجهاد الكاذب يوميا في المسلمين؟
هل نتحدث عن بقية المواعد السينمائية التي ذهبت لحال سبيلها؟
.نتصور ألا داعي للأمر على الإطلاق
اليوم مراكش و”فيفمها” مثلما يسمونه بالفرنسية هما الرائدان، وهما القادران على البقاء، وهما الحاملان لمشروع
الحلم الجمييل هذا ألا تبقى المنطقة قاصرة ومقتصرة فقط على تصدير القبح والأشياء البئيسة، بل أن تنافس الآخرين على الأقل لمدة  أسبوع واحد أو عشرة أيام في ابتكار الجمال، في الاحتفاء والاحتفال به، في صنع البهجة _ وهي الكلمة التي تطلق نفسها على هاته المدينة المشرعة على كل الأحاسيس _ وتقديمها  بالشكل المغربي، وبالاحمرار الدال على الهوية إلى الجميع.
لذلك نرددها على المسامع دائما وأبدا: على الناس هنا في المغرب أن يفهموا أن هذا الحلم المراكشي هو حلمهم جميعا، وأن الاشتغال على تطويره وتجويد أدائه وضمان استمرارية هي حكاية مشتركة بيننا دون أي استثناء لذلك أيضا تبدو بعض الكلمات المسكينة في مثيل هاته اللحظات مسكينة بالفعل وهي تتحدث عن تشجيع الأجنبي وإهمال المحلي وما إلى ذلك من الأساطير المؤسسة لبؤس يريده العديدون مستمرا بيننا إلى مالانهاية.
الحق الذي لا مراء فيه هو أن هاته اللحظة الحضارية الكبرى التي يقترحها مراكش على رواده ومريدييه هي لحظة تحمل عبارة “صنع في المغرب” الشهيرة, وهي إذ تستفيد من الإشعاع العالمي للضيوف لكي تجعل إسم المغرب يتردد في كل مكان، تتمكن من ترسيخ نفسها ومن تقديم هذا البلد إلى الآخرين الذين لايعرفونه خير تقديم.
لعله السبب الذي جعل كثرا يتذكرون لحظات الانطلاق الأولى للمهرجان، ويتذكرون معها كل الصعوبات، والأسماء التي عبرت، والأخرى التي التحقت، والثالثة التي غابت، والرابعة التي لازالت على العهد الأول لكل الأشياء. ومع التذكر الكامل وبكل التفاصيل، يأتي الإيمان العميق أن المغرب وحده يستطيع أن يعطي لنفسه ترف فعل هاته الأشياء بهذا الشكل، تاركا للآخرين الفرجة التي قد تتأرجح بين الإعجاب الصادق وبين الحسد المشروع في النهاية.