• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الأربعاء 09 يناير 2013 على الساعة 12:25

حميد شباط

حميد شباط لمختار لغزيوي [email protected]
لمختار لغزيوي [email protected]

يستحيل أن تكتب التاريخ المغربي اليوم دون أن تعبر فوق اسمه. له القدرة على التماهي مع الوقت، وله أساسا قدرة الظهور كل مرة تم فيها استلال خبر من العدم لكي تجد في ثناياه اسم العمدة “الفاسي” الشهير. هل قلنا الفاسي؟ طبعا نمزح، فأهل فاس يقولون إنه ليس منها، لكن لا اعتراض على الأمر. في النهاية المغاربة كلهم مهاجرون أبناء مهاجرين، ولا أحد في المنظومة المحلية المسماة مغربنا، لا أحد على الإطلاق، يستطيع ادعاء معرفة الشجرة من الألف إلى الياء.
شجرته هو تمتد من بحر فاس العظيم إلى نخلته الأعظم، مرورا ببرج إيفل العالي والكبير الذي انقرض فجأة قبل أن يكتمل له البناء. لكن بعد المعالم الكبرى للمدينة التي قال عنها الشاعر يوما من باب الكذب الشعري المباح “فاس والكل في فاس”، يوجد حميد وقبل المعالم يوجد حميد، وبين المسألتين يوجد حميد
قال عنه خصومه إنه “مجرد سيكليس”. وجد هو القدرة الفائقة على أن يقول إن “للتقني الحق في أن يكون قياديا سياسيا”. قال عنه آخرون إنه النموذج لما فعلته عربدة السياسة بها، لكنه مرة أخرى وجد الكلمات المناسبة لكي يقول “أنا الدليل على أنه من الممكن للقواعد أن تصبح قيادات والسلام”.
في النهاية، أصبح شباط زعيما لأعتد الأحزاب السياسية المغربية، وبالنسبة لخصومه، المسألة هي أكبر من التحمل ومن القبول، لكنها بالنسبة إليه التجسيد الحي لطموحاته السياسية التي لم يضع لها سقفا إلى الوصول إلى هذا المنصب، والوصول بعده لكل ما يجر معه من مناصب. من يستطيع غدا منع الرجل من تولي منصب رئيس الحكومة إذا ما أحرز حزبه بطريقة أو بأخرى الأغلبية في أي انتخابات مقبلة، في أوانها أو قبل الأوان مثلما يحلم هو الآن؟
في الحقيقة لا أحد، وحلاوة السياسة في بلد مثل المغرب، لا يعير كثير الاهتمام للمرور من مدارس العلوم السياسية لمحترفي هذا المجال، أنها تتيح لمن يمتلك أحلاما أن يحققها وإن كانت بعيدة عن الواقع وعن الناس وعن كل شيء.

لكن هل حميد بعيد فعلا عن الواقع؟

من الصعب الجزم بالأمر. والأكثر قربا للحقيقة هو أن خصومه هم البعيدون، أما هو فيعرف المغربي والمغربية جيدا، لذلك يقيم حفلات الختان، ويقيم حفلات العقيقة، ويقيم _ رفقة زوجته ورفيقته في البرلمان _ كل أنواع الالتقاء الجماعي التي تتيح لفقراء فاس أن يتذكروا أن لديهم عمدة يحملهم في “الكوتشيات”، ويطلق لهم الآلة الأندلسية في الشارع العام، ويعدهم بأن يحمل إليهم البحر، والثلج وكل الأشياء.

أليست السياسة هي لعبة الاقتراب من الناس ولو بإيهامهم بذلك؟ بلى. وشباط اليوم الذي يستحق هذا البورتريه لأنه مالئ الدنيا وشاغل الناس بالحركات السياسية كل يوم، يعرف اللعبة جيدا، لذلك حرص منذ أن أصبح الأمين العام على أن يفعل كل يوم شيئا يضمن له البقاء حيا في المشهد السياسي أكثر فأكثر.

من التلويح بالنزول إلى الشارع، إلى معارضة ابن الزعيم علال الفاسي، فإطلاق النار على وزراء عباس في الحكومة، وصولا اليوم إلى المذكرة التعديلية الراغبة في تغيير حكومة لم يمر إلا عام واحد على تعيينها. الأهم والأساسي بالنسبة لحميد هو أن يعطي المتفرجين باستمرار أسبابا للتصفيق عليه.

يقال في الدول الأخرى التي سبقتنا إلى عوالم السياسة هاته، إن المشهد السياسي فيها أصبح عبارة عن “شو” لايستطيع التميز فيه إلا من أتقن فنون الفرجة، أو ما يسميه أهل المسرح “الأشكال ماقبل المسرحية” بشكل ساخر طبعا. والرجل أصبح الساعة الأكثر تميزا في التمرين، واستطاع من استلوه من مكانه الأول لكي يجعلوه أمين عام الاستقلال أن يطيحوا بواسطته برجل آخر كان يعتقد نفسه “ملك الشو بيز السياسي في البلد”، والقصد طبعا مخترع لازمة التماسيح والعفاريت، ومدبج عبارة “فهمتيني ولا لا”، الذي يسهر على تدبير الشأن العام المغربي اليوم.

في المغرب، الذي رفع متفرجون كرويون فيه الأحد الماضي صور الزعيم عبد الكريم الخطابي، مشكلة حقيقية بين زعماء الأمس وزعماء اليوم. البعض يسمي المسألة نوستالجيا مرضية، والبعض يعتبرها عادية لأننا نعتبر الأمس باستمرار أفضل من الراهن وإن كان الأمر كاذبا، والبعض لا يكترث والسلام.

بالنسبة لحميد، ولمن صنعوا حميد، ولمن يتفرجون اليوم على حميد، المسألة أكبر من نوستالجيا ماضوية. المسألة لها علاقة بما يراد فعله في وبالبلد في المقبل من الأعوام.

هل لأحد حق الاعتراض على تطور الحياة، نحو الأفضل أو نحو الأسوأ ؟

طبعا لا. لذلك لا اعتراض. إن هي إلا متابعة ليس إلا. أما البقاء فلما يقع في الميدان، لا أقل ولا أكثر.