• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الجمعة 18 يناير 2013 على الساعة 17:07

حمقى الله!

حمقى الله! لمختار لغزيوي [email protected]
لمختار لغزيوي [email protected]

حسب شيوخ التيار السلفي الجهاد، وكلمة شيوخ هنا هي بسبب التداول اللفظي لا بسبب أي شيء آخر، فإن التدخل الفرنسي في مالي هو “تدخل استعماري”، والمتعاونون مع فرنسا من أجل القضاء على شبح الإرهاب هناك هم “متعاونون مع الاستعمار”، بل “كفار وجب خلعهم وتنفيذ الحد عليهم”.

لا أحد كان ينتظر من شيوخ السلفية الجهادية أن يباركوا العملية التي تقودها فرنسا اليوم ضد الإرهاب الديني، ولا أن يعلنوا استعدادهم للجهاد رفقتها ضد الإرهابيين لأن الكل يعلم أن “المغرفة واحدة”، وأن الظروف وحدها هي التي تختلف بين بلد وبين الآخر، وتجعل شباب الصومال ومالي تنشر صورة مقززة للغاية لجثة ادعت أنها لجندي فرنسي, مثلما تجعل شباب المغرب يتريثون إلى أن يقضي رب العزة أمرا كان مفعولا.
لكننا في الوقت ذاته لم نكن ننتظر هذا الاصطفاف المباشر إلى جانب الهمجية المتلفعة ظلما وعدوانا باسم الدين التي استغلت غياب الدولة في منطقة جنوب الصحراء والساحل لكي تعربد مثلما بدا لها، ولكي تبني الإمارات الوهمية هناك، وتطلق على من لا يتقن الفوارق بين الوضوء الأصغر والوضوء الأكبر أوصاف الأمير والشيخ والمجاهد والقيادي وما إليه من علامات الجهل والتخلف ليس إلا.
لم نكن أيضا ننتظر من مشايخ السلفية وقد أعلنوا غير ما مرة عن المراجعات، أن يراودهم الحنين بهاته السرعة إلى الأصل. والأصل هنا تكفيري يرى عاديا أن يتم اختطاف داعية سلام أجنبي أو متطوع في منظمة إنسانية من أجل مقايضة حياته بمطالب سياسية بعيدة عنه تماما، قبل أن يتم ذبحه وسط عبارات التكبير، وإرسال الفيديو إلى عائلته وإلى كل العالم لكي يتفرج على درجة الوحشية التي وصلها بعضنا والتي أفرغته من كل إحساس إنساني، قبل أن نتحدث عن الإحساس الديني أو ماشابه.

ماذا تحارب فرنسا اليوم في مالي؟
تحارب الإرهاب، نعم، لكن المسمى هنا كبير، ولا بد من توضيح بعض التفاصيل الصغيرة المرتبطة فيه والتي تجعل مساندة فرنسا في عمليتها العسكرية فرضا حقيقيا على كل مؤمن بالإنسانية، متشبع بقيمها، مقتنع بأن الدم والدمار لم يكونا و ليسا ولن يكونا أبدا حلا للعالم الذي نعيش فيه.
بلغة التفاصيل تحكي وسائل الإعلام وأجهزة الدول الاستخباراتية الكبرى أن ما يفوق العشرين ألف إرهابيا فروا من مختلف مناطق الصراع التي أنجبت هذا النوع من التفكير (العراق، أفغانستان، الباكستان, السودان، فلسطين، بالإضافة إلى دول المغرب الكبير وبعض الدول البعيدة) لكي يجدوا في المنطقة الصحراوية الموجودة شمال مالي الاتساع الجغرافي الذي يسمح لهم بممارسة إرهابهم في حق الساكنة المحلية أولا، وهي ساكنة فقيرة ومغلوبة على أمرها إلى درجة لا توصف، وفي حق الأجانب الذين يقودهم حظهم العاثر، أو التزاماتهم الإنسانية والمهنية إلى تلك المنطقة (علينا ألا ننسى أن أغلبية الرهائن الذين تتاجر بهم الحركات المتطرفة اليوم في المنطقة هم غربيون أتوا إلى هناك متطوعين من أجل خير سكان تلك الأماكن)، وفي حق الدول التي يصعب عليها لظروف أو لأخرى أن تفرض سيطرتها بالكامل على المكان.
سلاح يصل باستمرار، وتمويل من مصادر متطرفة عديدة، ووضع في الاحتياط لسلفيين جهاديين من مختلف الجنسيات، مستعدين لتنفيذ عمليات في الأرض التي يحتلونها الآن، لكن مستعدين _وهذا هو الأخطر_ للقيام بعمليات في بلدانهم الأصلية، التي هربوا منها أو هاجروها بمبررات شتى، تجتمع كلها عند عملية مرعبة وجماعية لغسل الدماغ، حولت هؤلاء الشباب إلى كائنات وحشية فعلية تأتمر بأوامر الجهات التي تحكمها باسم تفسير جد مرعب وخطير ومتطرف للدين، ولاتعرف عن الولاء لأوطانها أي شيء.

اليوم المطروح في تلك المنطقة واضح وسهل وبسيط: تركها على حالها بمبرر أن الأمر يتعلق بسيادة دولة وجب احترامها، ووجب تركها تواجه مصيرها لوحدها، دون تفكير في مآل هذا الترك ولا في تطوراته الخطيرة، أو بالمقابل تحمل المنتظم الدولي لمسؤوليته، والقيام بما قامت به فرنسا وتسانده كل الدول المتحضرة، وقطع دابر هؤلاء الإرهابيين الذين يعتقدون أن جهة ما خولتهم حق انتزاع الحق في الحياة الذي لا ينتزعه إلا الله.
عندما سألوا هولاند في الإمارات منذ يومين “ماذا ستفعلون بالإرهابيين؟”، أجاب بكل وضوح: سنبيدهم، وسنأسر منهم من استطعنا.
لا جواب أكثر وضوحا من جواب أكثر دولة تحترم حقوق الإنسان في العالم، ولا كلام يمكن أن يكون دالا أكثر من هذا الكلام على الصورة التي استطاع المتطفون أن ينجحوا في تسويقها عن أنفسهم _وهذه مسألة تخصهم_ لكن أيضا عن ديننا وهذا هو أفظع ما في الموضوع، بعد أن أصبح الإسلام مرتبطا لدى الأجانب عنه بالقتل والذبج وما إليه.