عقب المظاهرات الأخيرة التي شهدتها عدد من المدن المغربية، عبرت فعاليات الحركة الأمازيغية بالمغرب عن استنكارها لـ”الاستغلال البئيس” للمؤسسات العمومية، وعلى رأسها المدارس والإعداديات والثانويات بكل مدن وبوادي المغرب، في “معارك ايديولوجية مقرفة، وحرمان التلاميذ من حقهم في التمدرس ومن اجتياز الامتحانات، عن طريق تجسيد “إضراب عالمي” دعت إليه بعض الفصائل المسلحة في فلسطين، لا تربطها أية علاقة مع المؤسسات العمومية المغربية.
واعتبرت الحركة، في بيان لها، أن هذا الأمر “يطرح أسئلة حول السيادة الوطنية، مع تحريض التلاميذ وشحنهم بأفكار العنف والتشدد والتزمت، لما لذلك من تأثير سلبي في مستقبل الأجيال الصاعدة”.
واستنكرت الحركة “صعود خطاب الكراهية ومعاداة السامية، مُغلف بلغة التضامن والتآزر، يستهدف التعددية الدينية بالمغرب من خلال استهداف شخصيات مغربية معروفة باعتناقها للديانة اليهودية، ومشهود لها بالدفاع عن التعايش الديني ونشر قيم التسامح والحوار في المغرب والعالم، وهو ما يشكل انزلاقا خطيرا في المسار الاحتجاجي المغربي الذي لم يسبق له أن كان طائفيا، وهو ما يعد مظهرا من مظاهر الانحدار القيمي والأخلاقي لهذه التنظيمات، ومؤشرا دالا على انتشار افكار الغلو والتطرف”.
وقالت الفعاليات والتنظيمات الجمعوية والمدنية للحركة الأمازيغية بالمغرب إنها تتابع “بقلق شديد ما يجري في الساحة السياسية وفي عدد من التظاهرات والمسيرات التضامنية التي عرفتها بعض المدن المغربية، خلال الأيام القليلة الماضية، من تنامي لخطاب ديني متطرف ومتشدد، وانتشار افكار ومواقف قومية مفلسة وعنيفة، تسيء لقيم المجتمع المغربي وخصوصياته الحضارية الفريدة في احترام التعددية الدينية والثقافية، ومن قيم التعايش والتسامح التي كانت دوما من مرتكزات العيش المشترك التي ما فتئ المجتمع المغربي يتمتع بها وينفرد بها بين الأمم والشعوب”.
ووصف البيان ذاته هذا الوضع بـ”الهيجان الأيديولوجي المتشدد الذي ترعاه بعض التنظيمات الدينية المنغلقة وبعض فلول البعث القومي العربي البائد، التي تستغل مآسي الشعوب والحروب الدينية والطائفية للتوغل والتحكم في المجتمع، عبر تجييش العواطف واستغلال شنيع للمشترك، فإن فعاليات وتنظيمات الحركة الأمازيغية”.
وعبرت فعاليات الحركة الأمازيغية عن تضامنها المطلق واللامشروط مع كل الشعوب المضطهدة في العالم والتي تناضل من أجل الحرية والانعتاق، مؤكدة على حق التظاهر السلمي والمسؤول لدى جميع مكونات المجتمع المغربي بدون استثناء، وأن الفضاء العام مِلك للجميع في إطار النضال والترافع لكسب المزيد من الحقوق والحريات.
وشدد البيان ذاته على ضرورة مأسسة ثقافة الحوار واحترام الاختلاف والتعددية الفكرية والدينية داخل المجتمع المغربي، وعدم احتكار الحديث باسم الشعب المغربي والتعسف عليه بإقحامه في حروب دينية معقدة لا يد له فيها ولا قدرة له في حلها، منبها إلى ضرورة تنقية المناهج التربوية والتعليمية الوطنية من الآيديولوجيات الفتاكة المتطرفة، ومن كل الأفكار التي تساعد على انتشار العنف والكراهية والتطرف الديني ومعاداة السامية.
وشددت فعاليات الحركة الأمازيغية على الحد من سياسية التعريب وربط المغرب بالشرق في منظومات التربية الوطنية وكل وسائل الإعلام العمومي وباقي القطاعات والمؤسسات العمومية، وتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بشكل جدي وحقيقي.
وفي ختام بيانها دعت فعاليات الحركة الأمازيغية إلى تظافر جهود الجميع، الدولة والمجتمع؛ لحماية الوطن والمواطنين من كل الايديولوجيات الهدامة، والأفكار المتشددة والمتطرفة التي تهب رياحها من الخارج، والحرص الشديد على الحفاظ على القيم الحضارية المغربية الأصيلة المفعمة بروح التعايش والتسامح والحب.