• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الإثنين 21 ديسمبر 2015 على الساعة 17:38

المال السايب وجوج فرنك.. الريع لمن استطاع إليه سبيلا!!

المال السايب وجوج فرنك.. الريع لمن استطاع إليه سبيلا!!

image (1)

رضوان الرمضاني
“الفرنك اللي تحكرو يعميك”. أما “جوج فرنك” فنيرانها مشتعلة، منذ أيام، على مواقع التواصل الاجتماعي. الفايس بوك وأخوه في الرضاعة (التكنولوجية)، تويتر، يحتضنان “نقاشا”، أو ما يشبهه، غير مسبوق حول “امتيازات” الوزراء والبرلمانيين.
الأمر مثل كرة ثلج، بدأ صغيرا، بسخرية لا أكثر، فَكَبُر وكَبُرَ، حتى أنه قد لا يتوقف عند “جوج فرنك” البرلماني والوزير، فيمتد إلى كل من يكسِب “جوج فرنك” من المال العام، مقابل “خدمة الصالح العام”، التي غالبا ما يقول أًصحابها إنهم فيها لخدمة المغاربة أولا وأخيرا.
الوزيرة شرفات أفيلال، حين تكلمت في موضوع “جوج فرنك”، بالتأكيد فعلت ذلك دون أن تدري أي تطورات يمكن أن يسير فيها، وإليها، تصريح “بسيط”، ليست أول من “زلّ” لسانه به، إن كان الأمر “زلة” أصلا. قالها الكثيرون قبلها. ومن لم يقلها بلسانه، ظل يستفيد بـ”رصيده” من مضمونه.
هي قالت ما قالت من منطقها، ومن موقعها. أجبرها غليان “المغرب” الافتراضي، الذي أكسب المغاربة شجاعة غير مسبوقة في مُواجهة الشخصيات العمومية، (أجبرها) على سحب كلامها، وعلى الاعتذار، وعلى التواري، ربما حتى تهدأ العاصفة.
النائب البرلماني الاتحادي، حسن طارق، تدخل، فايسبوكيا، ليشرح، من منطقه وموقعه أيضا، و”ندّموه” هو الآخر، فاضطره الهجوم الافتراضي، القائم على نقاش أو سباب أو سخرية، على سحب تدوينته، والرجوع إلى الخلف.
بين الوزيرة أفيلال وبين البرلماني طارق، قليل من تجرأ على الخوض في الموضوع. ومن تحدث فعل ذلك مدافعا شارحا موضحا، من منطق “انصر أخاك…”، وإما معبرا عن استعداده للتنازل عن “الريع”، مثلما عبر عن ذلك نائبان باسم العدالة والتنمية. أين الآخرون إذن؟
الآخرون، القريبون من موقع ومنطق أفيلال وطارق، تواروا عن الأنظار (الفايسبوكية) إلى أن تمر الموجة. لم تكن لأغلبهم القدرة، أو الجرأة، على الخروج للشرح أو للدفاع أو للنقد، أو للنقاش على الأقل، هم صناع الرأي العام، على ما يفترض، إنما ظهروا جبناء للغاية أمام رأي عام غاضب، هم ممثلو الشعب، كما يفترض، لكنهم “تخبّاو” حين بدا لهم الشعب غاضبا على الفايس بوك. هل بهؤلاء نحمي الوطن سياسيا؟ بسبب “جوج فرنك” اختبأ كل هؤلاء؟
المثير في الحكاية، بعيدا عن القيمة المادية لـ”جوج فرنك”، هو أن “جوج فرنك” هذه وحّدت الأغلبية والمعارضة، واليمين واليسار، والإسلامي والعلماني، والقديم في السياسة والجديد فيها. “جوج فرنك” صارت قاسما مشتركا بين سياسيين في المغرب لا يجمعهم أي شيء تقريبا.
أمام “جوج فرنك” ما استطاع “صُيّاح” الرأي العام في المعارضة أن يزايدوا بالموضوع على الحكومة، وما استطاع “صُيّاح” الرأي العام في الحكومة المزايدة به على المعارضة. أما من عبّر عن استعداده للتخلي عن “جوج فرنك” كأنما يضحك على الذقون، لا أقل ولا أكثر. الأجدر به، وهو ممثل للأمة وللشعب، أن يصرخ تحت القبة، ويسلك بالموضوع مساطره التشريعية، من الحزب إلى الفريق إلى اللجنة إلى المجلس…. إلى أن “يتخلص” من هذا العبء بالقانون. أما التعبير عن الاستعداد لـ”التنازل” عن شيء مضمون بالقانون فلا يعدو أن يكون تسلية سياسية. كان يشدّ “جوج فرنك” يتبرّع بيها شهريا على شي فقير أفضل من المزايدة بهذا الشكل المضحك.
ليس مهما أن نناقش، في هذه اللحظة على الأقل، قانونية ما يحصل عليه النائب البرلماني أو المستشار البرلماني أو الوزير، أثناء ممارسة مهامه أو بعد “التقاعد”. ليس مهما أن يكون ما يحصل على النائب والمستشار “معاشا” مستحقا يُستخلص من انخراط في شركة تأمين. وليس مهما أن تكون “جوج فرنك” مجرد “جوج فرنك”. وليس مهما الكثير من التبريرات من هذا أو من ذلك. المهم، والأهم، أن نفهم سر هذا “العداء الشعبي” تجاه “الشخصيات العمومية”. تجاه الشيخ والقايد والبوليسي والجاضارمي والبرلماني والوزير… التفسير بسيط للغاية: إحساس بالحكرة. وفك هذه العقد هو الآخر بسيط للغاية: العدالة الاجتماعية.
ردود الفعل حول “جوج فرنك” نفسية أكثر من أي شيء آخر. الشاب العاطل، والشيخ المتقاعد، والسيدة الخادمة في البيوت، والمياوم الواقف في الموقف… ماذا تنتظرون من هؤلاء، وأمثالهم، أن يعلقوا على “جوج فرنك”؟ أن يقولوا: “ويلي مساكن مكحّطين؟”. لا أبدا. سيقولون بكل الغصة الممكنة: اللهم إن هذا منكر. ولو ساقتهم الظروف إلى أن يعاينوا ما يصرف من مال عام في “الخواء” و”الشواء” لكانت غصتهم أكبر وأكبر وأكبر. ما يُصرف في بعض الوزارات والإدارات على حفلات الشاي، وعلى علب الشوكولاطة، في استقبال الضيوف أو في وداعهم، وعلى الورود على مكاتب الكاتبات، وعلى السفريات، وعلى… وعلى.. وعلى ما شئتم من التفاهات، أكبر من “جوج فرنك” بكثير. هل من قائل اللهم إن هذا منكر؟ خلّيو الجمل راقد.
بما أننا لا نملك طبقة سياسة شجاعة، لن ننتظر نقاشا حقيقيا. لن ننتظر أياما دراسية في مجلسي البرلمان. لن ننتظر أسئلة شفوية. لن ننتظر اتهاما للحكومة بضرب القدرة الشرائية للطبقات الشعبية. علاه هوما حماقو يديرو بحال هاد الشي؟
من نِعم “جوج فرنك” أن اكتشفنا “نعامات” كثيرة، فمن احترف المزايدة، من هذه الجهة أو تلك، “تورّق”، لأنه إن فعل هذه المرة ما تعود على فعله في المرات السابقة، فـ”ضرب الطبلة”، سيصيب، أولا، مصالحه في مقتل، وسيكون، بذلك، أول الخاسرين. وهو، وأمثاله، بهذا “الصمت” يتفادى أن يودي بنفسه إلى “التهلكة”… معاذ الله.
الموضوعية تفرض علينا أن نعترف بأننا “شعب” رضع ثقافة الريع. الصغير يبحث عن الريع الصغير عند مقدم الحومة ورئيس المقاطعة، تحت شعار: “حاجة الفابور زوينة”، والكبير يبحث عن الريع الكبير عند مدراء المؤسسات العمومية والوزراء والبرلمانيين، تحت شعار: “الشحمة فظهر…”.