كشف تقرير لمرصد العمل الحكومي عن العوائد المالية والاجتماعية من تنظيم أي بلد لبطولة كأس العالم، إذ أن استضافة المونديال تمثل فرصة اقتصادية واجتماعية وثقافية كبرى لأي بلد يسعى إلى تعزيز موقعه الدولي وتحقيق مكاسب مستدامة.
وحسب التقرير المذكور، فبالنسبة للمغرب، فإن تنظيم هذا الحدث العالمي فرصة ثمينة لفتح أبواب استثنائية نحو تحقيق مكاسب متشعبة تتوافق مع توجهات النموذج التنموي الجديد وأهدافه الطموحة.
الإيرادات السياحية وزيادة عدد السياح
وجاء في التقرير، أن التجارب السابقة، مثل قطر 2022 وروسيا 2018، أشارت إلى أن تنظيم كأس العالم يمثل “فرصة استثنائية لزيادة عدد الزوار من مختلف أنحاء العالم، وبناء على هذه التجارب، من المتوقع أن يجذب المغرب ما يزيد عن مليون ونصف زائر إضافي خلال فترة البطولة وحدها، الأمر الذي سيعزز النشاط السياحي ويساهم بشكل مباشر في الاقتصاد المحلي”.
وتوقع التقرير أن تكون هذه البطولة واحدة من أكبر الفعاليات التي يستضيفها المغرب، بحيث ستجمع مشجعين وجماهير من أكثر من 48 دولة، إضافة إلى ذلك، ستتيح البطولة فرصة فريدة للترويج للوجهات السياحية المغربية مثل مراكش، أكادير، طنجة، وفاس، والمدن والمناطق المحيطة بها التي تتميز بتراث ثقافي غني وطبيعة خلابة.
وبناء على معدلات الإنفاق السياحي السابقة في بطولات كأس العالم، فإن التقديرات تشير إلى أن الإيرادات السياحية الإضافية قد تتراوح بين 2 و3 مليارات دولار خلال فترة الحدث وما بعدها.
ويأتي هذا التقدير استنادا إلى معدل إنفاق السائحين المتوقع، حيث تشير الدراسات إلى أن كل سائح قد ينفق ما بين 1,000 إلى 2,000 دولار خلال إقامته في المغرب، ويشمل ذلك تكاليف الإقامة، الطعام، التنقل، التسوق، والترفيه.
وستمثل هذه الإيرادات المباشرة دفعة قوية لعدد من القطاعات الحيوية، مثل قطاع الفنادق، قطاع المطاعم والمقاهي، وقطاع النقل والخدمات اللوجستية.
زيادة الاستثمار في البنية التحتية
وأفاد التقرير بأن استضافة كأس العالم تتطلب تطوير أو بناء ملاعب ومرافق رياضية جديدة، ما قد يتطلب استثمارات تتراوح بين 3 و5 مليارات دولار. ورغم تكلفتها، يمكن أن تُغطي هذه الاستثمارات عبر الشراكات والدعم الدولي.
وأشار إلى أن مشروع تمديد شبكة القطار الفائق السرعة من الدار البيضاء إلى أكادير يعد من بين أهم المشاريع الإستراتيجية، حيث سيربط وسط المغرب بشماله وجنوبه، مما يسهم في تقليص مدة السفر بين المدينتين إلى حوالي ساعتين ونصف بدلاً من خمس ساعات، إذ تقدر تكلفته بحوالي 5 مليارات دولار.
كما يهدف المغرب إلى بناء وتجهيز مستشفيات حديثة قادرة على تلبية احتياجات الزوار المحليين والدوليين، إضافة إلى تحسين الخدمات الطبية للسكان المحليين، ومن المتوقع أن تصل تكلفة هذه الاستثمارات الصحية إلى 2 مليار دولار.
ويتطلب إنجاز كأس العالم تعزيز شبكة الطرق السريعة والداخلية في كافة المدن المستضيفة، من خلال توسيع وتحديث الطرق بين المدن وتجهيز المطارات بالمرافق الحديثة لاستيعاب العدد الكبير من الزوار. ويتوقع أن تُخصص 1.5 مليار دولار لتطوير البنية التحتية للنقل، مما سيسهم في تسهيل تنقل الزوار والمقيمين ويُحسن من تجربة التنقل داخل المغرب.
تحفيز الاقتصاد المحلي: تساهم هذه المشاريع في خلق فرص عمل مؤقتة ودائمة، وقد تخلق حوالي 50,000 إلى 80,000 وظيفة جديدة في مجالات البناء، السياحة، والخدمات، مما يعزز من التشغيل ويساهم في تحسين دخل الأفراد.
عائدات حقوق البث والرعاية
وتعد حقوق البث التلفزيوني من أكبر مصادر الإيرادات للبلدان المستضيفة لكأس العالم، إذ قد تتجاوز عائدات البث التلفزيوني 2 مليار دولار، وهي فرصة مهمة للمغرب للاستفادة من شعبية البطولة عبر مختلف المنصات.
كما أن الحدث يجذب اهتمام الشركات الدولية الكبرى، التي تستثمر مبالغ طائلة في الإعلانات والرعاية. يمكن أن تصل عائداتها إلى حوالي 1 مليار دولار، مما يدعم الاقتصاد الوطني ويزيد من الوعي بعلامة المغرب التجارية على المستوى العالمي.
الأثر على النمو الاقتصادي
ووفقًا للدراسات، يمكن أن يؤدي استضافة بطولات كبرى مثل كأس العالم إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 0.5% و1% سنويًا خلال فترة الحدث وبعده، ما يعادل زيادة تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار للاقتصاد المغربي.
ويعزز تنظيم كأس العالم من مكانة المغرب كوجهة استثمارية وسياحية، ما يساهم في جذب استثمارات جديدة وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام على المدى البعيد.
فوائد طويلة الأمد للبنية التحتية
وأوضح التقرير أن المغرب يحتاج إلى تحديث المطارات، وتطوير شبكة الطرق، وتوسيع وسائل النقل العام، مما يشكل استثمارًا طويل الأمد في جودة حياة المواطنين، وتقدر تكاليف هذه التحسينات بنحو 2 مليار دولار.
ويمكن استخدام الملاعب والبنيات الرياضية التي تم إنشاؤها لأغراض مختلفة بعد البطولة، ما يخلق فرصا لاستضافة فعاليات دولية أخرى، ويؤدي إلى استدامة العائدات، التي من المقدر أن تتجاوز 100 مليون دولار سنويا بعد البطولة.
النتائج الاجتماعية وتعزيز الرياضة
زيادة الوعي الرياضي تنظيم كأس العالم يعزز من ثقافة الرياضة ويشجع الأجيال الشابة على المشاركة في الرياضة، مما يسهم في تحسين المستوى الرياضي العام في المغرب وتطوير كرة القدم المحلية.
فرص التطوع والتدريب الحدث سيتيح فرصًا للتدريب في مجالات التنظيم، الضيافة، والتسويق، مما يوفر مهارات جديدة للشباب المغربي، ويعزز من فرصهم في سوق العمل المستقبلية.