• مهرجان مكناس للدراما التلفزية.. مسلسل “دار النسا” يظفر بالجائزة أحسن مسلسل تلفزي
  • صحافي جزائري: تصريحات تبون سوقية تؤكد أنه لا يمتلك ثقافة رجل الدولة!
  • مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
عاجل
الخميس 07 فبراير 2013 على الساعة 19:18

الحلوف عندو الحصانة

الحلوف عندو الحصانة لمختار لغزيوي [email protected]
لمختار لغزيوي [email protected]

هل كنا مضطرين لانتظار سماع المستشار عن حزب البام يقولها يوم الثلاثاء لكي نتأكد منها؟ “الحلوف عندو الحصانة” في هذا البلد منذ القديم، وقد استغربنا جميعا كيف بدأ بنكيران حربه بعد تسلم الأمانة الحكومية (علما أن مول الأمانة دا أمانتو قبل أن يتسلمها الرجل) على التماسيح وهي كائنات لا تضر أحد إلا إذا اقترب منها ومن البحيرات التي تسكنها وكانت جائعة بالفعل، ونسي أن لدينا حربا أهم مع حيوان وطني أخطر وأشرس يسمى الحلوف.

الحلوف عندو الحصانة. يبدو الأمر مسليا للغاية، ويبدو أقرب إلى عنوان مسرحية من مسرحيات فرقة مسرح الحي في نسختها الأولى، نسخة “حسي مسي” و”العقل والسبورة” قبل أن يصبح الحي أحياء ويعتقد كل ممثل في الفرقة أنه هو “باها”، وهذا موضوع أخر لا علاقة له بموضوعنا اليوم، وإن كان الحلوف موجودا في الميدان الغني بكثرة, وشكله جميل وأنيق ويلبس أخر التقليعات لكن تصرفاته تصرفات الحلاليف الأصلية والحقيقية بالفعل.
الحلوف موجود في المشاهد كلها، وهو متوفر بكثرة في الأسواق السياسية أساسا، ومعاناة المغاربة معه لايمكن أن تقضي عليها كل مديريات المياه والغابات في العالم بأسره وليس في المغرب فقط. حلوف السياسة يعيث فسادا في الأرض خلال الانتخابات وخارج فترتها، وهو يلتهم الأصوات والعقار والأموال ورزق الأخرين, ويعيش في المنازل مثل البشر وفي الحفر لكي يوهم ضحاياه الافتراضيين أنه “بحالهم”، وفي الفيلات الراقية والقصور التي يبنيها من السطو على ممتلكات الغير.
حلوف السياسة ليس جنسا واحدا, فيه المؤنث وفيه المذكر, وفي البين _ بين، وهو قادر على “التسيف” مرارا وتكرارا للشعب، حيث يغير في واضحة النهار وأناء الليل أيضا على رزق الناس، لكنه ينكر في اليوم الموالي، ويمثل دور من لم يقم بشيء على عادة أي حلوف أصيل.
الحلوف يوجد في المشهد الرياضي أيضا. حلوف واش من حلوف. يكبد البلد الخسائر بالملايير, ويرتدي البزة الوطنية، ويغني لنا كل مرة النشيد الوطني, ويده على قلبه, لكن قلبه ليس علينا. لذلك يخسر باستمرار، ولذلك يسبب حالات الرعب التي نشهدها بين المواطنين مع كل مناسبة رياضية ننتظر فيها من حلوفنا المحلي أن يظهر حنة يديه، لكنه يظهر لنا العكس، ويؤكد لنا فقط أننا ملزمون بالقضاء عليه في أقرب الوقت الممكن.
الحلوف طبعا يوجد في التلفزيون. الغارات الحلوفية الأكبر التي يعاني منها المغاربة تأتي في شهر الصيام. ربما هو الجوع, ربما هو العطش، ربما هي عوامل طبيعية أخرى غير معلومة، لكن ضربات الحلوف التلفزيوني تكون أقوى في رمضان. يختار فترة الالتئام العائلية حول مائدة الإفطار, وانشغال ضحاياه بالتنقل بين الأطباق المختلفة التي يهيئونها لكي يضرب ضربته ويمضي.
ضحايا الحلوف التلفزيوني كثر وهم ليسوا فقط مشاهدي رمضان، بل هم جيل كامل من المغاربة ضحى بهم الحلوف وقرر أن يضبعهم، وأن لايخبرهم بشيء, وأن يربي فيهم الأمية إلى أقصى الحدود إلى أن استطاع بعمل امتد لعقود أن يجعلهم مثله تماما: حلاليف صغيرة تنبت في كل مكان, وتهدد بتحويل الأمر كله إلى مزرعة لاتستطيع الخروج منها مهما فعلت من محاولات.
الحلوف يوجد في المشهد الثقافي طبعا. حلوف الثقافة يرتدي النظارات بالضرورة، لايكتب شعرا ولا يكتب نثرا ولا يكتب أي شيء، لكنه في مهنة البطاقة الوطنية كاتب بالضرورة وبالسيف على عباد الله. تستدعيه الحلاليف الأخرى لكي يتحدث عن كل المواضيع الحلوفية الممكن تخيل وجودها على سطح الأرض, وهو يجد باستمرار العبارات المناسبة لقول أي شيء وكل شيء, وأحيانا _بل في الغالب الأعم_ اللاشيء. لكن الأمر غير مهم نهائيا. لاتنسوا أننا في عالم الحلوف.
الحلوف بحمد الله ورعايته لديه الحصانة _نعم_ مثلما قال المستشار البرلماني صادقا، وله مع الحصانة البقاء، وله معهما القدرة على التمادي إلى آخر الأيام. وحين تأتي الحملات تلو الحملات من أجل كف أذاه عن الناس, يفهم كل راغب في ذلك أن المسألة تقريبا شبه مستحيلة. لماذا؟ بكل بساطة لأن الناس “تعاشرات معا الحلوف”، ولم تعد تطيق فراقا ولا فكاكا عنه. لذلك لا مساس بهاته الثروة الوطنية، وعلى من يقترب منها أو يحاول أذاها أن يعرف أنه سيلاقي مقاومة شعبية لا تبقي ولا تذر.
الحلوف عندو الحصانة. يحدث في المغرب فقط أن تسمع مثل هاته الدرر, وأن تقال في البرلمان, وأن ينقلها التلفزيون، وأن يطلقها نائب برلماني محترم, وأن يرد عليه بخصوصها وزير أكثر احتراما، وأن تنتهي الجلسة البرلمانية، وأن ينتهي البث بعدها وأن تعود الأمور إلى سابق سيرها العادي دون أدنى إشكال.
من قال إن الحلوف ليس لطيفا في الختام؟