تشتهر منطقة جبالة بطقوس خاصة ترافق عملية ذبح أضحية العيد، منها تجمّع أهل الدوّار أو القرية في بيت واحد، مباشرة بعد الانتهاء من عملية الذبح والسلخ، وتناول وجبة الغذاء جماعة.
يقول حمد من دوار عين عبدون نواحي تاونات، إن طقوس الاحتفال يوم العيد متجذرة في المجتمع الجبلي، حيث تبدا بعد الانتهاء من عملية الذبح، لكنها تتواصل إلى منتصف الليل من اليوم نفسه، كما أن وجبة الغذاء الجماعية تكون عبارة عن ” قلية ” (خليط من أحشاء الأضحية يطبخ فوق نار هادئة).
ويفسّر محمد وجبة الغذاء الجماعية بكونها اعتراف بالمجهود الذي بذله الرجال خلال عملية الذبح والسلخ، وهي عملية تتم بشكل جماعي ينخرط فيها الكبار والصغار؛ الكبار يلقّنون أصول الحرفة للصغار.
الطقس الغذائي المرتبط ب”القلية” يتجاوز حدود منطقة جبالة، وإن كان حضوره يتم بطرق أخرى، انسجاما مع عادات القبيلة، وطقوس سكانها، ذلك أن هناك من يكتفي بالكبد والمعندنوس وقطع من القلب والطحال، وهناك من يضيف قليلا من “الدوّارة” في انتظار حلول المساء، وإعلان انطلاق عملية الشواء.
وحسب عمّي عبد السلام، شيخ في عقده السابع، فإن طقس الغذاء الجماعي الذي يعقب ذبح الأضحية وسلخها، يسير إلى الزوال بالنظر إلى مجموعة من العوامل.
واعتبر الشيخ أن “التفريط في عادات الأجداد” أحد أسباب ضعف الانخراط في الطقوس المجتمعية المرتبطة بعيد الأضحى، لأن شباب اليوم لم يعد مرتبطا بما أنتجه السلف، مع أن للتقاليد دور كبير في توطيد العلاقات الاجتماعية، وترسيخ قيم المحبة، وبلهجة دارجة “العيد ماشي غير الذبيحة ولكن المحبة لله والصفا والنية”.
وفي السياق، تطلع المرأة القروية بأدوار هائلة يوم العيد، فهي تنتظر عودة الرجال من المصلى، للانخراط في تقديم تهاني العيد، ثم تنصرف إلى تهييئ ” المجمر” استعدادا لشي رأس الأضحية وأطرافها، ثم غسل ” الدوارة” وإزالة الشوائب العالقة بها.
