شهدت العلاقة بين الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والملياردير التقني، إيلون ماسك، تحولاً دراماتيكياً خلال أقل من عام، حيث بدأت بتقارب غير مسبوق شابه إعجاب متبادل وتنسيق سياسي علني، قبل أن تتدهور تدريجياً إلى خلاف محتدم على العلن.
في البداية، أبدى ماسك دعماً صريحاً لترامب عقب محاولة اغتيال فاشلة في منتصف 2024، وتكررت اللقاءات بينهما في مناسبات انتخابية، تبعتها مشاركة مباشرة لماسك في إدارة شؤون الحكومة من خلال دائرة جديدة أُنشئت خصيصاً تحت مسمى “دائرة كفاءة الحكومة – DOGE”، في إطار حملة ترامب لتقليص البيروقراطية الحكومية.
غير أن هذا التحالف الذي انطلق بقوة بدأ بالتآكل مع مطلع عام 2025، إذ واجه ماسك انتقادات بسبب تمدده المفرط داخل المؤسسات الحكومية، وبدأت تتصاعد التوترات مع ترامب بعد اعتراض ماسك على مشروع إنفاق حكومي ضخم وقّعه الرئيس.
وصلت الخلافات ذروتها في يونيو، حين تبادل الطرفان الانتقادات اللاذعة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهدد ترامب بسحب العقود الحكومية من شركات ماسك.
هكذا تحولت العلاقة التي بُنيت على الانسجام والمصالح المشتركة إلى صراع مفتوح يعكس هشاشة التحالفات السياسية حتى بين أقوى الشخصيات.
وقد كشف الخلاف غير المسبوق على وسائل التواصل الاجتماعي بين ترامب وماسك، يوم الخميس، علنًا عن تصدع العلاقة الوثيقة التي جمعتهما في السابق.
تسلسل زمني لكيفية وصول ترامب وماسك إلى هذه النقطة.
يوليو 2024
أعلن ماسك دعمه العلني لترامب بعد محاولة اغتيال استهدفته خلال تجمع انتخابي في بتلر، بنسلفانيا.
وقد نشر ماسك على منصة “إكس”: “أعلن دعمي الكامل للرئيس ترامب، وأتمنى له الشفاء العاجل”.
أغسطس – أكتوبر 2024
في غشت، أجرى ماسك محادثة مع ترامب على منصة “إكس” عبر بث مباشر شابته مشكلات تقنية أدت إلى تأخير استمر قرابة الساعة.
أثنى الطرفان على بعضهما البعض خلال نقاش شامل شمل مواضيع مثل نائبة الرئيس حينها كامالا هاريس، وتعامل ترامب مع محاولة الاغتيال، والتغير المناخي.
لاحقًا، لمح ماسك إلى استعداده لـ”الخدمة” في الحكومة، ونشر صورة لنفسه على “إكس” ممثلًا عن ما يُعرف اختصارًا بـ DOGE، أي “دائرة كفاءة الحكومة”، وفقا لتقرير نشرته شبكة “CNBC”، واطلعت عليه “العربية Business”.
في أوائل أكتوبر، ظهر ماسك في تجمع انتخابي لترامب في بنسلفانيا، مرتديًا قبعة تحمل شعار “لنجعل أميركا عظيمة مجددًا”. وصرّح بأن ترامب هو المرشح الوحيد القادر على “الحفاظ على الديمقراطية في أميركا”.
استمر هذا التقارب العلني، معززًا موقع ماسك في دائرة عودة ترامب السياسية.
نونبر 2024
بعد إعادة انتخاب ترامب، عُيّن ماسك لقيادة DOGE إلى جانب المرشح الجمهوري السابق للرئاسة فيفيك راماسوامي. وقد تأسست هذه الدائرة بموجب أمر تنفيذي بهدف تقليص الإنفاق الحكومي والبيروقراطية.
قال ترامب في بيان آنذاك: “هذان الأميركيان الرائعان سيمهدان الطريق لإدارتي لتفكيك البيروقراطية الحكومية، وإلغاء الأنظمة المفرطة، وخفض النفقات غير الضرورية، وإعادة هيكلة الوكالات الفيدرالية”.
لاحقًا، غادر راماسوامي منصبه لمتابعة مسيرته السياسية.
بعد أسبوعين من فوزه، حضر ترامب مع ماسك إطلاق صاروخ “ستارشيب” التابع لـ SpaceX في تكساس.
يناير 2025
في حفل تنصيبه، أشاد ترامب بماسك قائلًا: “لدينا نجم جديد.. نجم وُلِد.. إيلون!”.
انضم ماسك إلى مكالمات ترامب مع كبار التنفيذيين في شركات مثل أمازون، وغوغل، وميتا.
فبراير – مارس 2025
بدأ ماسك بتنفيذ إجراءات تقشفية صارمة في الوكالات الحكومية. فرضت “DOGE” العودة إلى المكاتب وألغت عددًا من البرامج الحكومية المعتمدة على العمل عن بُعد.
واجه فريق “DOGE” انتقادات بعد تدخله في مؤسسات مثل “معهد السلام الأميركي”.
في مطلع مارس، أخبر ترامب أعضاء حكومته بأنهم المسؤولون المباشرون عن وكالاتهم، وليس ماسك. رد ماسك عبر “إكس” بأن الاجتماع كان “مثمرًا للغاية”.
لاحقًا، حوّل ترامب حديقة البيت الأبيض إلى معرض لسيارات تسلا، ودافع عن ماسك وسط موجة انتقادات عالمية.
قال ترامب: “لقد بنى شركة عظيمة، ولا ينبغي معاقبته لأنه وطني”. كما وصف سيارات تسلا بأنها “جميلة” وأعلن رغبته بشراء واحدة.
أبريل 2025
أعلن ماسك عزمه تقليص مشاركته في “DOGE” بشكل كبير خلال الأسابيع التالية.
وقد ظهرت تقارير تفيد بتشتته وضغط العمل الكبير عليه، مما أثار قلق المستثمرين في شركتي تسلا وسبيس إكس.
وفي نتائج الربع الأول من “تسلا” – التي خيبت التوقعات – كانت أسهم الشركة قد تراجعت بأكثر من 40% منذ بداية العام.
مايو 2025
في مقابلة مع شبكة CBS News، انتقد ماسك علنًا مشروع ترامب للضرائب والإنفاق، قائلاً إنه يتعارض مع جهود “DOGE” لخفض الإنفاق الحكومي المفرط.
وقال: “أشعر بخيبة أمل لرؤية مشروع قانون إنفاق ضخم يزيد من العجز بدلًا من تقليصه، ويقوض عمل فريق DOGE”.
ورد ترامب بأنه غير راضٍ عن بعض جوانب القانون، “لكني متحمس لجوانب أخرى. هكذا تسير الأمور”.
بعد يوم واحد من تصريحاته، غادر ماسك البيت الأبيض، مقدمًا شكره للرئيس على منحه فرصة قيادة “DOGE”.
نظّم ترامب حفل وداع لماسك، مشيدًا بجهوده، وقال إنه “لن يغادر حقًا”.
يونيو 2025
صعّد ماسك من هجومه على مشروع ترامب للإنفاق، واصفًا إياه بأنه “مُقزّز ومشين” وأنه سيفجر العجز في الميزانية الفيدرالية.
وكتب على “إكس”: “عارٌ على من صوّتوا له.. أنتم تعلمون أنكم ارتكبتم خطأً”.
سرعان ما تصاعد الخلاف إلى معركة كلامية شرسة على الإنترنت بين ترامب وماسك، تبادلا خلالها الاتهامات لعدة ساعات.
هدد ترامب بسحب مليارات الدولارات من العقود الحكومية التي تُمنح لشركات ماسك، بينما زعم الأخير أن ترامب لم يكن ليفوز بالانتخابات من دونه.
قال ترامب: “كانت علاقتي مع إيلون رائعة. لا أعلم إن كانت ستبقى كذلك بعد الآن”.
وكالات