• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الجمعة 29 نوفمبر 2013 على الساعة 12:26

عودة العقل إلى التلفزيون

عودة العقل إلى التلفزيون يونس دافقير [email protected]
يونس دافقير dafkirt@yahoo.fr
يونس دافقير
[email protected]

لحظة متميزة تلك التي عشناها مع المفكر عبد الله العروي على القناة الثانية، وهي استثنائية بكل المقاييس، ليس أقلها بروزا أنها حالة نادرة في زمن الرداءة الفكرية والفرجوية، يقدم فيها التلفزيون المغربي إلى جمهوره لحظة انتشاء بقدرة العقل على الإمتاع الذي ساد الاعتقاد أنه لم يعد ممكنا إلا مع عروض تخاطب تكويننا العاطفي.

كان التخوف من أن يخطئ الأستاذ عبد الله العروي اختيار يسر الخطاب، وأن تتمرد الفكرة على أن تكون بسيطة حتى وهي تتربع برجها الراقي، وكان الخوف أيضا من أن ينهزم العقل والفكر أمام تقنيات التسويق الإشهاري للخطاب، لكن العروي بدا متيقظا لهذا المنزلق، ونجح بكثير من الدقة في تقديم أفكار كبيرة بلغة مفهومة، إن الدرس من ذلك ليس الانتصار لطرف على حساب آخر في مناظرة تلفزيونية ممتعة، ولكنه الاحتفاء بقدرة العقل المشبع بالفكرة على أن يتواصل ويشد الانتباه. وبالنتيجة هي لحظة احتفاء بانهيار تلك الأطروحة التلفزيونية التي تفيد أن الجمهور لا يفهم سوى في أجواء الضجيج والخطاب السوقي.

وقد يختلف الكثيرون منا مع الأستاذ عبد الله العروي في أطروحته، ويجدون أنهم أقرب إلى المباردة التي عبر عنها السيد نورالدين عيوش، لكن التجرد والموضوعية تقتضي القول إن الأستاذ العروي قدم لنا طبقا شهيا في القدرة على تعميق التحليل، والتمكن من أساليب المحاججة بالعلم، وبالتمكن الموسوعي من التجارب المقارنة في الموضوع المطروح للنقاش، وبين كل هذا، ذاك التواضع الكبير في المناقشة، والقدرة على الإنصات حتى في اللحظات التي كان يبدو فيها السيد نور الدين عيوش شديد الإرتباك والتيه.

لانريد القول إن المناظرة حسمت النقاش بالنقط أو بالضربة القاضية حتى، لكنها كانت لحظة تعيد للعقل اعتباره، وللفكر قيمته، وللتحليل لذته، وإن كان ثمة من خلاصة أولية يمكن اعتبارها جديرة بالإبراز، فهي تلك التي تفيد بأن ليس عيبا أن تكون صاحب فكرة غير مسبوقة أو حتى مثيرة للجدل، لكن ينبغي أن تكون قادرا على الدفاع عنها في العمق، وخصوصا حين تتعلق بمستقبل أجيال ومصير بلد. ففي هذه الأمور بالذات لاتنفع التقنقراطية واستبدادا الإحصائيات، وغير مسموح البثة بالإرتجالية والمزاجية.