• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الأربعاء 07 يونيو 2017 على الساعة 22:34

درس من الريف…

درس من الريف… رضوان الرمضاني facebook.com/ridouane.erramdani
رضوان الرمضاني facebook.com/ridouane.erramdani

 

ما يحدث في الحسيمة أكبر من احتجاجات ومطالب وشعارات واعتقالات ومحاكمات وغضب وانتظارات وشد وجذب وأوراش ووعود ووفود وبيانات وتصريحات وأخذ ورد.
هذا لا يعني أن شهورا من التوتر في هذه المنطقة، أمام انسحاب مريب وجبان وأناني للفاعلين السياسيين، أمر عادي لا ينبغي التعامل معه بحذر، أو أنه لا يستحق التفاعل، بسرعة، لتحقيق المطالب المشروعة، وتطييب الخواطر المجروحة، لكن الاكتفاء بالتدابير الإطفائية، رغم ضرورتها، لن يحل الأزمة جذريا، ومفعولها لن يكون أكبر من مفعول حبة أسبيرين مع صداع رهيب متكرر في الرأس.
حبة الأسبيرين قد تخفف الصداع مؤقتا، لكنها لا تعالج أسبابه العميقة، والاستمرار في الاعتماد عليها كلما عاد “حريق الراس” لن يجدي نفعا، بل قد يعقد الوضع الصحي أكثر فأكثر، لذلك لا مناص من فحص دقيق بالسكانير (السياسي)، للوصول إلى أصل الصداع، ومن ثمة تحديد العلاج المناسب، والشروع فيه فورا، سواء كان علاجا خفيفا بمجرد حمية غذائية (أو سياسية)، أو قاسيا بتدخل جراحي معقد أو حتى خضوع لعلاج كيماوي مرهق.
ما يحدث في هذه البقعة المغربية، بكل تفاصيل حساسيتها التاريخية مع المركز، درس للجميع، بل هو أشبه بسؤال صعب في امتحان جماعي فاصل، والسؤال حين يكون الجواب عليه مجرد استظهار سريع متسرع لكلام محفوظ قد يخدع “المصحح” وقد يضمن النقطة الموجبة للانتقال، وقد يمكن من العبور إلى المرحلة الموالية، ومن تجنب السقوط (في أشياء كثيرة)، لكن النجاح بهذه الطريقة لا يعني أن المرحلة مرت بسلام، ولا يعني أن الانتقال كان باستحقاق، ولا يعني، وهذا هو الأهم، أن الأسئلة الصعبة انتهت أو ستنتهي.
القادم من الأسئلة والمعادلات قد يكون أصعب وأعقد وأسوأ، ولحظتها لن ينفع الاستظهار والحفظ ولا حتى النقل.
كل ما حدث ويحدث في الحسيمة قد يتحول إلى مجرد لحظة عابرة إلى الماضي. ولحسن الحظ، بدأت بوادر الانفراج تظهر، وجو الاحتقان، الذي بلغ مستوى غير مسبوق في الأيام الأخيرة، آخذ في التراجع، ونزوعات التخوين والتخوين المضاد تزول بالتدريج، بفضل مبادرات متوالية وحالة استنفار وطني وأصوات حكيمة نادرة تسعى إلى التهدئة بدل الركوب على الأمواج أو النفخ في الجمرات، لكن الخطأ هو أن نعتقد أن الأزمة ستنتهي بتوقف الاحتجاجات في هذه المدينة.
ما كل مرة تسلم الجرة، وما أخرج أهل الحسيمة قد يخرج مواطنين آخرين في مناطق أخرى، لهذا قلنا إن في الأمر درس وجب الوقوف عنده بروية، ووجب استيعاب عمقه والتفاعل معه بجدية. والمقدمة، التي تلخص الدرس كله، هي أن المواطن المغربي تغير، وأنه ما عاد ممكنا التعامل معه بالمنطق القديم، فإن كان صبورا قنوعا فإنه يرفض الحگرة، وإن حدثتنوه بلغة الخشب أجاب بلغة الواقع “بيك يا وليدي”.
لم يعد مقبولا أبدا أن نوزع “الفقر” و”الأزمات” بكثير من “العدل”، فيما النعمة تظل حكرا على البعض.
أن نقتسم وطنا معناه أن نشترك في السراء وفي الضراء. هنا مربط الفرس، وهذا ما وجب الانتباه إليه بسرعة، والباقي تفاصيل.
الفهم هو السبيل، الوحيد والسليم والآمن، إلى النجاح المستحق في الامتحانات. والتشخيص الجيد بداية الشفاء، مع ضرورة الانتباه إلى أن أمرين: الجروح العميقة لا تعالج بقليل من “الدوا الحمر”، والجسم الجائع لا يتفاعل مع العلاج.
علينا أن نعترف، وبعد الاعتراف نرفع الدعاء… بالشفاء العاجل

#مجرد_تدوينة