وضعت تغريدة لسفيرة فرنسا في الرباط، هيلين لوغال، شكيب بنموسى، رئيس لجنة النموذج التنموي، في موقف محرج، ومحط انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وجاء في التغريدة التي نشرتها الدبلوماسية الفرنسية، أمس الجمعة (5 يونيو)، على حسابها على تويتر، “أشكر شكيب بنموسى، رئيس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، وسفير المغرب في فرنسا، على تقديمه لي هذا الصباح تقريرا مرحليا عن عمل اللجنة. أفاق جيدة للغاية للميثاق الاقتصادي الجديد”.
وجلبت تغريدة السفيرة الفرنسية سيلا من الانتقادات على رئيس لجنة النموذج النموذج التنموي.
خطأ كبير يمس بالسيادة المغربية
واعتبر المحلل السياسي، عبد الرحيم المنار السليمي أن على شكيب بنموسى أن يشرح للمغاربة لمن تقوم لجنته بإعداد النموذج التنموي.
وقال السليمي، في تدوينة على حسابه على الفايس بوك، “إلى السيد شكيب بنموسى: نحن دولة ذات سيادة ولا نعيش تحت الحماية الفرنسية، على السيد بنموسى أن يشرح لنا لمن تقوم لجنته بإعداد النموذج التنموي ومن الأحق بمعرفة المرحلة التي وصل لها إعداد هذا النموذج؟”.
واعتبر المحلل السياسي أن “الأمر يتعلق بخطأ كبير يمس بالسيادة المغربية وبتاريخ المغرب، ومطلوب من السيد بنموسى أن يشرح لنا ماصرحت به سفيرة فرنسا في المغرب، فما قالته واضح ولا يحتاج التأويل، السؤال هو لماذا؟ يوجد دستور وقواعد دبلوماسية على السيد بنموسى أن يحترمها، وبعمله هذا ارتكب خطأ كبيرا يضرب به عمل لجنة كاملة”.
وتساءل الأستاذ الجامعي عن “موقف أعضاء اللجنة من هذا السلوك؟ إننا دولة أمة ذات تاريخ، دولة ذات سيادة، ولما ينتهي إعداد النموذج التنموي ويصل المغاربة انداك يمكن للسيد بنموسى وأعضاء لجنته الترويج له عالميا؛ الآن نحن المغاربة الذين نملك حق معرفة كيف تشتغل اللجنة وأين وصلت”.
واعتبر المنار السليمي أن “ما قام به بنموسى يؤثر على النموذج الذي يجري إعداده، لهذا ننتظر اتخاذ إجراء ما بخصوص ما قام به السيد بنموسى”.
فضيحة مدوية
وقال الصحافي مصطفى الفن إن ما أقدم عليه رئيس لجنة النموذج التنموي “فضيحة مدوية”، مشيرا إلى أن “بنموسى قدم هذا التقرير المرحلي حول عمل لجنة ملكية إلى السفيرة الفرنسية في الرباط كما لو سعادة هذه السفيرة مقيمة عامة من المقيمين العامين الذين مروا من المغرب أيام الاستعمار”.
وأضاف الفن، في تدوينة على حسابه على الفايس بوك، “هذه فضيحة مدوية ما كنا سنطلع عليها لولا أن هذه المقيمة العامة هي نفسها تكفلت بمهمة إخبارنا بما دار بينها وبين شكيب بنموسى”.
والأخطر من ذلك، يضيف المتحدث، هو أن “بنموسى، الذي يقال إنه حامل لجواز فرنسي، اختار الصمت كما لو أنه معين على رأس هذه اللجنة التنموية من طرف ماكرون وليس من طرف ملك المغرب… دعونا نتصور لو أن سفيرا فرنسيا قام بربع ما قام به السفير المغربي بنموسى؟”.
وتابع: “أكيد ستقوم الدنيا ولن تقعد أبدا وأكيد سيصبح صاحب هذه “الفعلة” في “خبر كان” لأن “السيادة” خط أحمر وليست مجالا للمقامرات والمغامرات المستفزة للشعور القومي للوطن والمواطنين”.
خطأ سيادي
واعتبر المحلل السياسي والأستاذ الجامعي، عمر الشرقاوي، أن رئيس لجنة النموذج التنموي، “ارتكب خطأ سياديا جسيما، فلا يحق له الحديث مع الهيأت الديبلوماسية إلا وفق الأعراف ووفق ما توفر له صفته أو التكليف الممنوح له”.
وقال الشرقاوي، في تدوينة على حسابه على الفايس بوك، “لا يحق له الحديث مع ممثل دولة أخرى عن مشروع مجتمعي يهم الشأن الداخلي للمغاربة مازال قيد الإعداد ولم يحل على أعلى سلطة في البلد ولم يأخد الرأي العام علما بفحواه”.
وأضاف الأستاذ الجامعي: “حتى إذا ارتأى بنموسى الاستماع للهيأت الديبلوماسية الممثلة في المغرب في إطار جلساته لإثراء الأفكار حول التجارب التنموية الدولية، فتلك صيغة لها بروتوكولاتها ولا تتم عبر اتصالات بطلب منه أو منها”.
واعتبر المحلل السياسي أنه “ينبغي أن يفهم السي بنموسى أن تغريدة السيدة السفيرة كانت غير موفقة، وهي تعطي الانطباع بكوننا ما زلنا نعيش تحت الوصاية الكولونيالية، وفي ظل منطق “إذا سقط المطر في باريس فتحت المظلات في الرباط”، والحال أن المغاربة يريدون اليوم أن يكون نموذجهم التنموي مغربي وسيادي محض بعيدا عن التأثيرات الآتية من تجارب أصابتنا التخمة في الأخذ بها في الدستور والقوانين والمؤسسات والقرارات”.
بنموسى يبرر
وبعد الجدل الذي أثارته تغريدة الدبلوماسية الفرنسية، خرج شكيب بنموسى، عبر الصفحة الرسمية للجنة الخاصة بالنموذج التنموي، ليؤكد أنه قام بـ”حديث عن بعد مع السفيرة الفرنسية، بطلب منها على غرار لقاءات سابقة مع سفراء بلدان صديقة وممثلين لمؤسسات دولية”.
وأضاف بنموسى أن هذا اللقاء “كان مناسبة الحديث عن العلاقات بين المغرب وفرنسا وبين إفريقيا وأوروبا بعد كوفيد 19 المستجد ونتائج هذه الأزمة التي تطرح”، مشيرا إلى أنه “ناقش مع السفيرة الفرنسية المقاربة التشاركية التي اعتمدتها اللجنة المذكورة”.
وكان الملك محمد السادس أعطى موافقته لتمديد المهلة التي تم تحديدها للجنة الخاصة بالنموذج التنموي لمدة ستة أشهر إضافية.
إقرأ أيضا: لمدة 6 أشهر إضافية.. الملك يمدد مهلة تقديم اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي لتقريرها النهائي
وأوضحت اللجنة، في بلاغ لها، أول أمس الخميس، أنه سيتم رفع تقريرها النهائي عن أشغالها إلى الملك في أجل أقصاه بداية شهر يناير 2021.
