أثارت تصريحات المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، بشأن الأزمة والتضخم في المغرب، ردودا متفاوتة، يرى فيها الخبراء والمحللون ضربة قوية لحكومة أخنوش لما تتضمنه من حقائق مرتبطة بالوضع الاقتصادي الحالي، في ظل موجة الغلاء التي أثرت على القدرة الشرائية للمغاربة.
قنبلة الحليمي
وفي تصريح لموقع “كيفاش”، قال زكرياء كارتي، المحلل والخبير الاقتصادي، إن “تصريحات الحليمي ضربة قوية للحكومة وإضعاف لها أمام الرأي العام”، موضحا أن “تصريحات المندوب السامي للتخطيط كانت بمثابة قنبلة للحكومة بعدما أكد أن التضخم ليس ذو طبيعة مستوردة فقط وإنما هو داخلي ومتجذر في المغرب”.
وأبرز الخبير الاقتصادي، أن “تصريح المسؤول يتناقض مع ما تقوله الحكومة وحتى مع ما يقوم به بنك المغرب فيما يتعلق بسياسته النقدية”.
وأكد كارتي، أنه “من غير المنصف الحديث على أن الأزمة غير مستوردة بشكل كامل، ذلك أن المغرب يستورد العديد من المواد منها النفطية والتي تدخل في إنتاج العديد من المنتجات ولكن المشاكل الداخلية تضاعف من حدة الأزمة”.
مسؤولية الحكومة
وأوضح الخبير في حديثه للموقع، أن الحكومة تحمل على عاتقها مسؤولية القيام بإصلاحات هيكلية للخروج الأزمة، ذلك أن المشاكل الداخلية تفاقم من حدة الوضع وانعكاساته على القدرة الشرائية للمواطنين.
وحسب كارتي، يفترض من الحكومة أن تسهر على مراقبة الأسعار واحترام المنافسة ومواجهة المضاربين، مشيرا إلى تقرير مجلس المنافسة بشأن سوق المحروقات.
إقرأ أيضا: المندوب السامي للتخطيط: خاصنا نتعاملو مع الرأي العام باحترام… ورفع سعر الفائدة ماغيخرجناش من الأزمة
وأبرز المحلل الاقتصادي، أن “مجلس المنافسة اعترف بمحدودية مراقبة الحكومة لشركات المحروقات وسجل تجاوزات وانتهاكات هذه الأخيرة فيما يتعلق بالمنافسة، حيث كانت لهذه الممارسات انعكاسات مباشرة على تحفيز التضخم”.
وفي سياق متصل، شدد الخبير الاقتصادي على “ضرورة إصلاح أسواق الجملة وتغيير إطارها القانوني المتجاوز ووضع إطار قانوني للسماسرة والوسطاء في قطاع المنتجات الفلاحية”.
المغرب.. في طريق الركود التضخمي
وقال زكرياء كارتي، ضمن التصريح ذاته، إن “بنك المغرب قد يستمر في الرفع من سعر الفائدة وبالتالي فالمغرب يتجه لا محالة إلى الركود التضخمي”.
واعتبر الخبير الاقتصادي، أن نجاعة رفع سعر الفائدة تبقى محدودة في المغرب بفعل ارتفاع نسب البطالة مقارنة بأمريكا والدول الأوروبية حيث أن الحركية الاقتصادية مهمة جدا.
وتابع المتحدث ذاته، موضحا: “في المغرب لا توجد هناك حركية اقتصادية كبيرة تبرر الرفع المتتالي لسعر الفائدة، ما قد يتولد عنه وضع للركود التضخمي بمعنى استمرار التضخم بالموازاة مع استمرار الركود الاقتصادي بعد رفع معدل الفائدة.
وأكد كارتي، أن “بنك المغرب يقوم بدوره لأن أكثر من ثلثي البنوك في العالم رفعت سعر الفائدة”، مردفا بالقول: “البنك المركزي كيشوف التضخم كيطبق بشكل أوتوماتيكي إجراءات اللي معروفة في هذا الإطار”.
تنسيق بنك المغرب والحكومة
وعن التنسيق بين مؤسسة بنك المغرب والحكومة، قال زكرياء كارتي: “من الطبيعي الحديث عن عدم التنسيق لأن بنك المغرب والحكومة مؤسسات مستقلتان عن بعضها البعض”.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن “البنوك المركزية حول العالم لا تنسق مع الحكومات”، مردفا بالقول: “يمكن أن ينبه أو يحذر الحكومة لكن يمكن أن ينسق بشكل مباشر مع الحكومة لأنها غادا تولي تابعة ليه وهذا ماشي هو الهدف”.
وكان المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، دعا في تصريح صحفي، إلى أنه “يجب أن نتعامل مع الرأي العام باحترام، وأن نعتبره ناضجًا ونطلعه على الحقيقة حتى يكون على دراية بالإصلاحات التي يجب القيام بها… ومع ذلك ما أراه هو أننا نفعل العكس تماما”.
وأقر المندوب السامي للتخطيط بغياب الانسجام بين السياسة النقدية التي يقودها بنك المغرب والسياسة المالية للحكومة، مؤكدا أنه “من الواجب إخبار المغاربة بنسيان أرقام النمو البالغة 4٪ سنويا، والتي التزمت بها الحكومة في برنامجها”.
واعتبر المندوب السامي للتخطيط، أن الإجراءات التي اتخذها بنك المغرب برفع سعر الفائدة تبقى محدودة النجاعة، مؤكدا على “ضرورة إيجاد حلول على مستوى العرض لا الطلب”.
إقرأ أيضا:رفع سعر الفائدة إلى 3 في المائة.. دلالات وانعكاسات قرار بنك المغرب
