• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الخميس 25 أبريل 2013 على الساعة 12:08

حمام البرلمان

حمام البرلمان لمختار لغزيوي [email protected]

لمختار لغزيوي [email protected]
رأيناهم مرة أخرى في البرلمان المغربي الاثنين الماضي، وشعرنا الشعور ذاته الذي يخجلنا كل مرة أن هؤلاء القوم هم من يمثلنا في البرلمان، وهم من يشرع لنا قوانين البلد.
سمعناهم يتحدثون بكلمات عجيبة “سيري شوفي التسجيل عاد هضري، كلسي شوية، واتي نوضي…”، وفهمنا أنهم كانوا قد اتفقوا قبل بدء جلسة الحمام تلك على أن يناقشوا القضية الوطنية الأولى أي قضية صحرائنا. وعندما نسمع أنهم سيتحدثون عن صحرائنا نشعر بكثير الهيبة، ونعطيهم الفرصة مرة أخرى لكي نتابع ما سيقولونه رغم أننا لم نعد نغري النفس ولا نمنيها بهاته الفرجة البائسة والبئيسة التي يقترحونها علينا كل مرة.
لذلك شاهدناهم فاكتشفنا أنهم أصغر بكثير من أن يدافعوا عن قضية كبيرة مثل هاته القضية، وشعرنا بالخيبة أننا حملناهم ما لاطاقة لهم به، ثم شعرنا بانقباض كبير في الدواخل حين تخيلنا أعداء وحدتنا الترابية وهم يشاهدون ذلك المشهد العجيب لنواب الأمة. قلنا حينها إن أعداءنا _ويعلم الله أنهم موجودون وبكثرة_ سيكونون الآن منتشين بفرك أياديهم ومطمئنين إلى أن أناسا مثل من رأيناهم يتخاصمون بخصام الحواري الشعبية ذلك الإثنين هم أقل من أن يخشى منهم أحد، أو أن يكترث بالموقف الصادر عنهم بعد ذلك الضجيج.
تمنينا فعلا وقد شعرنا بالمقلب السخيف أن يخرج من بينهم شخص أو أكثر لكي يقول لهم إن الصراع منقول على الهواء مباشرة، وأن الموضوع لا يتحمل مثل هذا العبث، وأن الوحدة الترابية للوطن تفرض قليل الترفع عن الصبيانيات وعن الصغائر، وعن “التحيار” الذي شاهدناه من كل الجوانب، وليس من جانب واحد، لكن أحدا لم يقل ذلك، ويبدو أن لا أحد كان قادرا على قول ذلك أو كان راغبا في فعله.
الكل أصبح مقتنعا بفعل الفرجة السياسية البئيسة التي أصبح هؤلاء الناس يقترحونها علينا مرة بعد الأخرى أن هذه هي السياسة، وأن ما عداها الهراء. ألم نصبح ونمسي على هاته السنوات الأخيرة على التبجح في كل مكان بأن السياسة أصبحت شعبوية وتفتخر بذلك، وأن هذا الأمر دلالة اقتراب من الناس العاديين, من رجل الشارع البسيط، وأنه علامة طيبة على أننا استطعنا النزول بالسياسة إلى الشعب، عوض الصعود بالشعب إليها؟
ألم يصبح قادتنا اليوم يحملون أوصاف التماسيح والعفاريت و”سير حيد السحور”، وغيرها من العبارات التي تروق للجمهور وتجعله يمضي الليلة رائقا فرحا أن سياسييه أصبحوا مثله أو ربما أفظع وأن الأمور تحت السيطرة والسلام؟
بلى، وقد روجنا جميعا لهذا الأمر، ولهذا “الشو” لاعتقادنا أنه قادر فعلا على إعادة الناس إلى السياسة بعد أن عزفوا عنها لسنوات، لكننا اكتشفنا اليوم ويوما بعد اليوم أننا ربينا بأيدينا موت هذه السياسة إذا كانت ستعني في نهاية المطاف هذا الهراء.
المشكلة الأكبر الآن هي أن السادة الأشاوس يعتقدون أنهم يحسنون صنعا، ولا يخجلون من المجيء إلى التلفزيون لكي يقولوا عبر جلسة عاصفة بـ”المعيار” مثل جلسة الإثنين إن البرلمان “تذاكر حول قضية وحدتنا الترابية وحول آخر تطوراتها”، وأن “السادة النواب المحترمين اتفقوا على التنديد بالمسودة الأمريكية” وما إلى هذا الكلام الذي لا يمكن لعاقل أن يسمعه منهم، وألا يبتسم.
أي مسودة وأي رفض وأي قبول تتحدثون عنه، وأنتم تقدمون عن أنفسكم أسوأ النماذج، وتقدمون عن برلمان المغرب أفظع الأمثلة؟ أي سياسة هاته يمكننا أن نترجى من خلال ممارستكم لها أن تحسنوا ظروف عيشنا وأنتم غير قادرين حتى على تحسين عباراتكم، والوصول إلى طريقة تفاهم بينكم لا تضحكم منكم الناس في كل مكان من العالم؟ وهل تعرفون أيها المحترمون وأيتها المحترمات أن البعض صنع لكم مونتاجا للحظات الطويلة التي تصارعتم فيها بذلك الشكل المعيب، وأن شريطكم عبر اليوتوب حقق أعلى المشاهدات وليس في المغرب وحده بل في دول كثيرة والأمر سهل التحقق بطبيعة الحال؟
أكيد تعلمون هذا الأمر، وأكثر تأكيدا من علمكم الذي لانشك في غزارته أنكم تعمدتم كل ذلك الصراخ وكل تلك “ّالحيحة” من أجل لفت الانتباه إليكم, فقد أدركتم أننا نسيناكم أو نكاد، وقررتم من خلال رفع العقيرة بكل ذلك العويل يومها أن تعيدوا بعضا من اعتبار إليكم وإلى “الدور الخطير” الذي تلعبونه في بناء ديمقراطية هذا البلد.
شعور واحد أحسسناه وقد كنا جماعة من الناس نشاهد الفيديو خارج أرض الوطن، هو أن بعضكم ببعض تصرفاته يسيء للبلد أحيانا أكثر مما يسيء إلينا أعداء هذا الوطن, ويبقى السؤال الذي لا نمتلك غيره مرة أخرى لنرفعه في وجوهكم: هل تفعلون هذا الأمر عمدا أم تتتقاضون مقابله شيئا؟ أم تراكم تتطوعون فقط من أجل أن تنفرونا من أي شيء قد يجمعنا بكم على هاته الرقعة المسكينة المسماة بلدنا؟