• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الإثنين 25 نوفمبر 2013 على الساعة 17:18

حادث مأساوي.. القصة الكاملة لأب فجر شقته وقتل نفسه وابنتيه

حادث مأساوي.. القصة الكاملة لأب فجر شقته وقتل نفسه وابنتيه

kifache 3

 

الأحداث المغربية

إنها مأساة إنسانية بكل المقاييس، فلا حديث في منطقة سيدي معروف في الدار البيضاء سوى عن الرجل سائق التاكسي الذي فجر نفسه وطفلتيه بقنينة غاز، يوم الجمعة الماضي (22 نونبر)، وعن المشاكل التي قد تكون وراء الحادث، والتي كانت وراء قتل أب الرجل لنفسه وابنتيه، أولاهما تبلغ ست سنوات، والثانية لا يتجاوز عمرها ثلاث سنوات.

وشح السواد جميع أرجاء الشقة الكائنة بالطابق الرابع من إقامات المستقبل، في حي سيدي معروف.. ومع السواد انتشر الذهول بين جميع السكان، الذين وقفوا مشدوهين غير مصدقين أن أبا يمكن أن يقدم على قتل فلذتي كبده، وقتل نفسه بتلك الطريقة البشعة التي اهتزت لها جميع إقامات المستقبل، بفعل الانفجار القوي الذي انتشر صداه، فعم الأرجاء البعيدة، وأدخل الرعب في نفوس سكان الإقامات القريبة.

يوم مأساوي صادف ظهيرة الجمعة الماضي (22 نونبر)، ومازال الكثير من السكان يستجمعون تفاصيله، لعلهم يجدون سببا مقنعا يفسر لهم: لماذا أقدم الأب القاطن في إحدى شقق الطابق الرابع على تنفيذ انتحاره بهذه الطريقة المأساوية، بعد أن قرر وضع حد لحياته وحياة ابنتيه، بعد أن اختار السفر رفقتهما في رحلة أبدية، اقتنى تذاكر ذهابها بدون عودة، ومكنته منها قنينة غاز من الحجم الكبير؟

 

مقعدان فارغان في المدرسة

لن يكتب لعصفورتين صغيرتين أن تحلقا في أجواء المدرسة التي كانتا تتابعان بها دراستهما لتعلم القراءة، وتدبيج أولى خطوط الكتابة. لأن والدهما لم يكن ـ بكل الأسف الممكن ـ رحيما بهما، عندما اختار أن يصطحبهما معه في رحلة أبدية، حدد لها تذكرة الذهاب، لكنه أصر على أن يكون ذهابا بدون عودة. لن تلعب الشقيقتان «لحرش»، ولن تلهيا مع قريناتهما، لأن مثوى أبديا احتضنهما بعد أن لقيا حتفيهما بتدبير وتخطيط من والدهما، الذي اغتنم فرصة غياب الأم عن البيت.

توفيت الصغيرتان، بتخطيط من الأب، الذي قالت بعض الروايات إنه كان على خلاف دائم مع زوجته، والدة الطفلتين. ولم يسلم أحد صبية الجيران من الانفجار الذي تطايرت شبابيك الشقة بفعله وتكسر زجاجها الذي أصابه إصابات بليغة تطلبت خضوعه للعلاج.. وكل ذنبه أن جارا لأسرته اختار وضع حد لحياته وحياة ابنتيه.

 

شهود يلملون شتات الوقائع

 

شهادات قليلة كانت تعبر عن بعض ما جرى، ولكنها على قلتها ساهمت في إعطاء فكرة عن بعض اللحظات القليلة التي سبقت حادث الانفجار. إحدى الجارات انخرطت في سرد واحدة من هذه الشهادات عندما قالت إن صوت امرأة مسنة دفعها إلى إطلالة من النافذة، حيث شاهدت امرأة من العمارة المقابلة تستغيث بالجيران، وتطالبهم بالخروج من شققهم، لأن ابنها قرر تفجير قارورة الغاز، لينتحر ويقتل ابنتيه.

كانت السيدة المستغيثة هي والدة الأب الذي أقدم على تنفيذ الانتحار وقتل ابنتيه. فلأنه خطط ودبر، واختار ساعة التنفيذ، فقد طالب والدته بمغادرة الشقة حيث اختلا بابنتيه، لينفذ التفجير الذي لم يترك شيئا سليما داخل الشقة، وأحالها إلى رماد وركام من السواد.

المكان حي «المستقبل» في سيدي معروف في مدينة الدارالبيضاء، وبالضبط الشقة الكائنة في العمارة 124 للمشروع السكني المستقبل، المنتمية إلى المجموعة السكنية «GH17». في هذا المكان كان الحادث الحزين، كان أحد الشباب شاهدا على تفاصيل من الحادث، بعد أن راعته رائحة غاز البوطان المنبعثة من الشقة. حاول معرفة السبب، ودفع قاطنيها إلى الانتباه.. طرق الباب، لكن الصد كان هو الجواب الذي تلقاه. انخرط الشاب في أداء شهادته بتلقائية، هو الذي لم يخرج من هذا الحادث سالما، حيث أصيب في إحدى يديه، التي شدها بضماد أبيض..

«دفعت الباب بيدي، فأعاد الأب المنتحر دفع باب شقته من جديد.. لم يتكلم، ولكنه عاد ودفع الباب ليغلقه بقوة»، أعاد الجار محاولة دفع باب الشقة من جديد لعل قاطنيها ينتبهون إلى الخطر الذي يحدق بهم، لكن قوة الانفجار جعلت النيران تندلع بالشقة، وتساهم قوته في رمي الشاب إلى سلم العمارة، حيث أصيب في يده.

كانت هذه رواية الجار الذي حاول معرفة ما يجري في الشقة التي شهدت الحادث، لكن إصرار الأب على تنفيذ ما خطط له، جعله يصد الجار، رافضا الحديث إليه، أو الجواب على سؤاله. كان رد فعله قد تجسد في إحكام إغلاق باب الشقة عليه، وعلى من كان رفقته بالشقة، لكي يفلح في تنفيذ ما خطط ودبر له.

 

روايات أخرى للحادث

 

«توادعي مع بناتك!»، هكذا قال البعض إن هذه العبارة كانت آخر ما تلقته زوجة الأب المنتحر، الذي اختار الاتصال بها هاتفيا ليسمعها صوت ابنتيها، هي التي كانت في تلك الأثناء في مقر عملها. وهذه ربما كانت آخر ما سمعته من زوجها الذي اختار تفجير الشقة لمغادرة دنيا الأحياء رفقة ابنتيه، حيث عمل على إخراج أمه من مقر سكناه، واحتفظ بابنتيه، في الشقة الكائنة في إقامات «المستقبل»، ليعمد إلى تفجير قنينة الغاز.

الفاعل في أواسط الثلاثينات من العمر، يعمل سائقا لسيارة أجرة، اتصل قبل الحادثة بشريكة حياته طالبا منها توديع بناتها، ليقفل الخط ويشرع في مخطط الانتحار الجماعي مع اقتراب أذان صلاة الجمعة، رفقة ابنتيه البالغتين على التوالي 6 و3 سنوات.

كانت قوة الانفجار جعلت النوافذ الحديدية للمنزل تُنتزع من مكانها، ويقضي الأب نحبه رفقة ابنتيه احتراقا.

 

طرد الأم واتصال بالزوجة

 

الجيران يجهلون السبب الذي يمكنه أن يكون أدخل والد الابنتين هذا المنزلق، وجعله أعمى في لحظة غريبة، قتل فيها نفسه وابنتيه، فلا شيء في اعتقادهم يبرر ما حدث لكونه كان هادئا، يركن سيارته ثم يصعد إلى شقته في تثاقل، فيما يؤكد أحد الجيران أنه كان على خلاف مع زوجته مدة خمس سنوات، وهما بصدد تنفيذ إجراءات الطلاق. وما أجج الوضعية هو أن المنزل في ملكية الزوجة التي نقلت على وجه السرعة إلى مصحة خاصة بعد أن تدهورت حالتها النفسية وأصيبت بانهيار عصبي.

بعد منتصف نهار الجمعة، اتصل الزوج بزوجته وقال لها: “تسامحي مع بناتك وسمعي صوتهم لآخر مرة، حيث غادي نقتلهم بالحاجة التي انت كتخافي منها”.. اتصال جعل الشك والفزع يراودان الزوجة حول مصير فلذتي كبدها، وتكون لديها إحساس بأن زوجها ينوي تنفيذ أمور لم تخطر على بالها. وبعد ربع ساعة من الاتصال هرعت الأم إلى البيت لتجده قد تحول إلى حطام، بعد أن نفذ الأب وعيده.

أخرج الهالك، المسمى قيد حياته «هشام الحرش»، والدته التي كانت معه ساعتها في المنزل قبل ارتكاب جريمته، حيث حاولت ثنيه عن ارتكاب أي حماقة، لكنه أجبرها على مغادرة البيت ليمكث به هو وابنتاه وهو مصر على تنفيذ جريمته.. أخرجها بالقوة وفتح أنبوب قنينة غاز “بوتان” من الحجم الكبير وأغلق باب الشقة. لم تجد الأم من وسيلة لثني ابنها عن فعلته سوى الاستنجاد بالجيران لمنعه من القيام بجريمته، لكن محاولات بعضهم باءت بالفشل، حيث وجدوا الباب محكم الإغلاق. ولم تغير المكالمات الهاتفية والحوارات من إصراره على تنفيذ ما خطط له، لوضع حد لحياته وحياة ابنتيه. لم يترك الفرصة تمر، وبعد ثوان معدودة سمع ذوي انفجار قوي هز أركان العمارة وخرب معدات وتجهيزات بيت منفذه وحوله إلى رماد ينبعث منه دخان تتوسطه جثث بريئة.