• منصة “إبلاغ”.. آشنو هي؟ وآشنو الهدف منها؟ (فيديو)
  • المسؤول الأمني والاستخباراتي الإفريقي الوحيد في الحفل.. حموشي في ذكرى تأسيس الشرطة الإسبانية (صور)
  • مهرجان مكناس للدراما التلفزية.. مسلسل “دار النسا” يظفر بالجائزة أحسن مسلسل تلفزي
  • صحافي جزائري: تصريحات تبون سوقية تؤكد أنه لا يمتلك ثقافة رجل الدولة!
  • مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
عاجل
الإثنين 24 ديسمبر 2018 على الساعة 10:40

بعد جريمة شمهروش.. مفاتيح سوسيولوجية لفهم الإرهاب

بعد جريمة شمهروش.. مفاتيح سوسيولوجية لفهم الإرهاب

د. نعيمة المدني

يعتبر الإرهاب ظاهرة إجرامية كونية تمثل أشد درجات العنف، ويبدو أن التحليل السوسيولوجي لظاهرة الإرهاب من خلال واقعة شمهروش يكشف عن انهيار النظريات السوسيولوجية العقلانية (مع كونت وفيبر وآخرين) التي حاولت فهم المجتمع الحديث، لتفسح المجال أمام المقاربات الطبيعية التي اعتبرت العنف طبيعة إنسانية، أصبح معها قيام المجتمع ضرورة حيوية حفاظا على النوع الإنساني!!!

علم اجتماع الإرهاب

ويكشف علم اجتماع الإرهاب، الذي يتقاطع مع فروع أخرى كعلم اجتماع الجريمة، العنف والانحراف، عن وجود فصام اجتماعي يعاني منه الإرهابيون، حيث يحاول السلوك الإرهابي الوصل بين مقامين: مقام يوجد في القاع يرتبط بالوضع الاجتماعي للإرهابي، ومقام عال يرتبط بالوضع الاعتباري الذي لا يتم الوصول إليه إلا من خلال طقوس للعبور، متمثلة في القتل والتنكيل، وهي عادة طقوس لتقديم الولاء إلى التنظيم الإرهابي.

الفكر الإرهابي

ويمثل هنا الفكر الإرهابي ما أسماه ميشال فوكو بالإبيستيمي (الإطار الفكري) الذي زاغ عن ضفاف العقل، عندما يحاول تكريس فكرة القطيعة مع النظام الاجتماعي المرتكز على الاستقرار والأمن، عن طريق الوصل الهدام مع عالم الجريمة.

الإرهاب المضمر والإرهاب المعلن

كما يتمظهر الإرهاب في مستويين، الإرهاب المضمر والإرهاب المعلن في النتيجة النهائية، فالأحداث الإرهابية التي تصل إلينا وتمسنا جميعا بالتأكيد فهي  تعتمد على عنصر المفاجأة وتتم في حيز ضيق من الزمن، لكن الفعل الإرهابي النهائي ما هو إلا نتيجة تطفو بقوة على السطح، بعد تفاعل العديد من العوامل في شكل سري، ولمدة أطول إلى حد ما، مع حضور كثيف للاجتماعي بكلي تنويعاته واضطراباته الوظيفية.

ظروف الإرهابي

يتغذى الإرهاب في هذه المرحلة الكامنة من ظروف الهشاشة التي يعاني منها الفرد، خاصة على المستوى التعليمي والاجتماعي، وهذا ما نلاحظه بالنسبة إلى منفذي عملية شمهروش، إذ يمثلون بروفايلات تقليدية للمستهدفين من قبل التنظيمات الإرهابية، يتم تحويلها إلى آلة للقتل الشنيع، ويسهل هذا التحويل كلما غابت آليات الضبط والاندماج الاجتماعي: فسوسيولوجيا، ترتبط معادلة الانحراف في المجتمع بتراخي عملية التنشئة الاجتماعية التي تضمن ضبط واندماج الفرد، وهي العملية التي تقوم بها المؤسسات الاجتماعية التقليدية خاصة الأسرة، ولا بد أن نشير كذلك إلى الدراسات السوسيولوجية العديدة التي تحدثت عن الأوساط الحاضنة للجريمة واعتبرت المؤسسة التعليمية وسطا محصنا للفرد إلى حد ما من التورط في السلوك الإجرامي.

عملية غسل الدماغ

للإرهاب إذن جانب صامت وهو الأخطر، عندما يقوم التنظيم الارهابي بالبحث عن عملاء وتسخير كافة الوسائل من أجل إتمام عملية غسل الدماغ، خاصة الوسائل الإلكترونية التي أصبحت متاحة، وأصبحت توظف كجهاز للتعبئة يصل إلى أبعد مدى في الاستقطاب الإرهابي، دون الحاجة إلى الوجود العيني للأطراف.

الوسائط الإلكترونية

كما تستعمل التنظيمات الإرهابية الوسائط الإلكترونية ذاتها، من خلال تصوير عملية القتل وإظهار أقصى مظاهر العنف والأذى المحض، من أجل خلق قلق أنطولوجي عام حسب تعبير فرانسيسكو نشطات، حيث تسعى من خلال ذلك إلى تعزيز مخيال جمعي كوني حول الإرهاب، بربطه بأقصى درجة العنف وأبشع صور الجريمة، مع ضمان انتقال العقل المتلقي من التجريد إلى التعميم، من الفعل الإرهابي المنفرد إلى الإرهابي الكوني.

جريمة شمهروش

تعتبر جريمة شمهروش واقعة منفردة لا ترقى إلى أن تصل إلى مستوى ظاهرة متفشية في المجتمع المغربي، فالشخصية المغربية الأصلية مشبعة بقيم الكرم المادي والروحي حسب تعبير الملك محمد السادس، لذلك فمرتكبو جريمة شمهروش ليسوا إلا أمثلة غير حقيقية عن المجتمع المغربي، فأنا لا أستغرب أبدا عندما يطلب مني بعض الأصدقاء من السوسيولوجيين والأنطربولوجيين الأجانب تأمين إقامة لهم وسط السكان عوض الفندق نظرا لما يحسونه من دفء خاص ومنسوب عال من التعايش وقبول الآخر لدى المجتمع المغربي.