• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الجمعة 11 أبريل 2014 على الساعة 17:48

“السمطة دايرة”

“السمطة دايرة” لمختار لغزيوي [email protected]
لمختار لغزيوي larhzioui@gmail.com
لمختار لغزيوي [email protected]

لا كلمات يمكنها أن تصف ذلك المشهد النقابي المغربي العجيب ذلك الأحد، ولا مبررات لمشاهد “السمطة” التي عبرت المكان من أجل إفساح الطريق للزعيم المنهك سوى مبرر واحد: انعدام الحياء والحياة.

في فرنسا اليوم يعيبون على فرانسوا هولاند أنه يضع في حكومته فابيوس رغم أن العدد العديد من زعماء ووجوه المشهد السياسي الفرنسي ولدوا أيام كان فابيوس في الحكومة أصلا. هم يقولون نفس الأمر أيضاً عن سيغولين روايال التي عادت لوزارة البيئة ربع قرن بعد مغادرتها لنفس الوزارة. ولو جاء هؤلاء المنتقدون إلى المغرب لتوقفوا عن مثل هاته الشكايات، وهم يرون أنه لازال ممكنا في البلد اليوم أن تعثر على سياسيين لا زالوا يمارسون السياسة رغم أنهم عاصروا الحماية وضمنهم من عاصر عصورا لا نعرفها، ويتحدث لغة لا نفهمها، وينهيها بعبارة “يجب أن نشجع الشباب على اقتحام عوالم السياسة”.

الشباب الذي سيرى مشهد نوبير الأموي يوم الأحد الفارط، أي سياسة يمكن أن نشجعه على دخولها؟ والشباب الذي سيرى “السمطة كتدور”، وتنزل على رؤوس الناس لكي يخلوا الطريق للزعيم المنهك قبل وضعه في سيارة أجرة صغيرة وتهريبه على وقع عبارة “على سلامتنا” التي رددها مرافقوه، أي إقبال يمكن أن ينخرط فيه لاقتحام هاته العوالم الغريبة؟

كنا صغارا جدا وهؤلاء القوم يتصدرون المشهد.

كبرنا وبقي هؤلاء القوم في صدارة المشهد.

ومن الأكيد أننا سننسحب وهم لا زالوا في المكان ذاته.

يسمون الأمر بلغة المتعالمين ومتفيقهي السياسة “العجز عن تجديد النخب”. نسميه في دارجنا المغربي “قلة العرض”، ونضيف له مثلنا المأثور عن “داك اللي كلا حقو”، لكنه يرفض أن يغمض عينيه وإن امتلأتا بعمش السنوات وبغير قليل من عدم القدرة على الإبصار.

وفي الأحايين الكثيرة يصبح الأمر أكثر مدعاة للشفقة منه إلى أي شيء آخر، خصوصا حين تنحبس الملكة الإبداعية والتخييلية ويصبح التكرار المحزن سيد الموقف كله.

ودعونا نكن واضحين مثل العادة: لا أحد يطالب بإدخال كبارنا متاحف الشمع، أو الإقفال عليهم في انتظار القدر المحتوم. لا، فنحن نعرف قيمة التاريخ والماضي ونقدرهما حق قدرهما. المشكلة هي أن أغلبية هؤلاء لا تقدر المستقبل ولا تكترث لحال البلد فيه، ولاتسأل نفسها “ماذا ومن نترك للمغرب بعد الرحيل؟”.

لذلك نشعر بالفقد ضخما وهائلا كلما فقدنا كبيرا من الكبار، لأننا نكتشف أنهم لم يشتغلوا على صناعة الخلف، ولم يراهنوا على الوافدين الجدد، بل رأوا فيهم دائما أعداء أو منافسين وجبت تنحيتهم، عوض أن يروا فيه الإكمال العادي والطبيعي والمشروع للمسيرة التي صنعوها.

المقابر ملآى بالأشخاص الذين كانوا يعتقدون أنفسهم غير ممكني التجاوز، ودرس البيولوجيا الأول الذي ننساه أو نتناساه يقول لنا بأننا جميعا أموات أبناء أموات، وأن الفرق الختامي بيننا هو ما سنتركه من أثر، لا ما نتشبث به من عابر الأمور.

المصيبة هي أن السياسة في أرض الوطن ارتبطت لدى الأغلبية بالانتفاع منها، لا تقديم الخدمة العامة للناس عبرها، لذلك يعض القوم بالنواجذ على المناصب، ولا يتخيلون بقاءها دونهم، لأنهم خبروا خيراتها، وتخلصوا من قيمة الشبع وهي أهم قيمة على من يخوض في الشأن العام أن يتحلى بها.

لذلك يبدو الرهان كله اليوم هو العثور على شابعين قانعين، لا يرون في كل صعود نحو منصب ما فرصة لإقلاع فردي واستغلال ضيق وسريع لفرصة لن تتكرر. البلد يحتاج من يرافقه بحدب وحنو، ومن يتخلى عن رزقه من أجل الأغلبية، ومن يعطي المثال بنفسه يوميا رغم ألا أحد يطالبه بذلك، ومن يمضي الوقت باحثا للناس عن أوجه تنميتها وازدهارها ولو على حساب تعبه وجهده.

البلد لم يعد محتاجا لمن جروه لسنوات إلى وراء الوراء بالشعارات الكاذبة، والمزايدات الفارغة، قبل أن نستفيق نحن الذين كنا نعتقد أن “تحت القبة شيخ”، مثلما يقول المصريين، لنكتشف أننا انتظرنا بركته لكي يقتحم السياسة والمشهد العام ببلغته وسبرديلته وبقية أدوات “الزطم” الكثيرة.

ارحموا شيبتكم، أعمامنا وآباءنا وجدودنا، “سيروا ترتاحوا” وامنحوا البلد فرصة أن يرتاح منكم وأن يبدأ الاشتغال…