
[email protected]
ما كان مجرد وجهة نظر، صار الآن ضرورة حتمية، إن حل نزاع الصحراء، أو تحسين الموقع التفاوضي للمغرب في ملف سيادته الوطنية ووحدته الترابية، يمر عبر تسوية إشكالية الديمقراطية وحقوق الإنسان.
في الصحراء، تحديدا قدم المغرب إجابات عملية متقدمة على التناقض الكلاسيكي بين ضرورات الديمقراطية وبين حماية الوحدة الوطنية، في المستوى النظري أصبح التعبير عن المشروع الإنفصالي وجهة نظر سياسية وليس جريمة، وفي المستوى الإجرائي تضمنت الوثيقة الدستورية ضمانات لحرية التعبير وتجريم التعذيب، كما تم إحداث اللجان الجهوية لحقوق الإنسان، وانفتحت رمال الصحراء في وجه المقررين الأمميين ووفود الاستطلاع الأوربية والأمريكية …
ويمكن القول إن الأمر لا يتعلق فقط بخطة حقوقية في الصحراء، بقدر ما أنه انعكاس لواقع التوسع الديمقراطي في البلد، ولحقيقة تنامي الوعي الحقوقي في أوساط الدولة والمجتمع، لكن ذلك لا ينفي أن الأمر ظل في السنوات القليلة الماضية يتعلق بمشروع للديمقراطية تعترضه عوائق وتتربص به التعثرات، حتى جاء زمن «الربيع العربي»، وساد معه الاعتقاد بأن «الإستثناء المغربي» يتضمن إجابات ديمقراطية على إشكالية السلطة وحقوق الإنسان..
وذلك ما كان بالفعل، سوى أن مآلات الانتقالات الديمقراطية العسيرة في أقطار «الربيع العربي»، جعلت التيار المحافظ في الدولة والمجتمع يستعيد المبادرة، وتسود معه حالة من الارتخاء والانكماش السياسي والحقوقي، بفعل نوع من التقدير النظري يعتقد أن الإستقرار السياسي أهم من الهزات الديمقراطية…
وقد تكون من حسنات أزمة الصحراء، وتحولها دوليا إلى ملف حقوقي (بغض النظر عن الحيثيات والأسباب) أنها ستعيد الحيوية إلى المشروع الديمقراطي الوطني، وستجعل التيار المحافظ في الدولة والمجتمع يتراجع عن مشروعه النكوصي الذي يقايض الإستقرار بالديمقراطية، ففي نهاية المطاف، أصبحت الديمقراطية وحقوق الإنسان ضرورات حتمية لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.