• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الأربعاء 29 يناير 2014 على الساعة 12:23

صوت سيده!

صوت سيده! لمختار لغزيوي [email protected]
لمختار لغزيوي larhzioui@gmail.com
لمختار لغزيوي [email protected]

ماهو نوع الصحافة التي يحتاجها عبد الإله بنكيران اليوم؟ لا نطرح السؤال بخصوص الشخص، فهو في غير حاجة نهائيا لأبواق إضافية طالما أن بوقه الشخصي المتمثل في حلقه وفي قدراته الحجاجية يقوم بالدور وزيادة، لكننا نتحدث عن رئيس الحكومة في علاقته بصحافة البلد.

الرجل لا يكف منذ أن أتى إلى الحكومة عن ترديد لازمة استطاع إدخالها إلى الأذهان بذكاء شديد، هي أن جزءا كبيرا وعريضا من الصحافة المغربية يمضي اليوم بطوله في البحث عن مثالب ونواقص الحكومة ورئيسها لكي يخوض الحرب بالوكالة ضد الإثنين معا. الرئيس لا يكف عن ترديد الأمثلة على ما يعتبره استهدافا له، وقد سبق له أن قال الشيء الكثير عن صحف بعينها اعتبرها منخرطة في الحملة ضده وضد حكومته، مثلما قال أمورا أخطر عن القناة الثانية بشكل أساسي، ثم عن القناة الأولى بشكل أقل، معتبرا إياهما غير ما مرة لا تساهمان في النقل الإيجابي لما يقوم به هو وحكومته المصونة

أولا ليس من حق أي منا أن يستكثر على الرجل هذا الشعور. هو رئيس حكومة أتى إلى تسيير الشأن العام عقب اقتراع شارك فيه من شارك، وتغيب عنه من تغيب مما لا يعني أي شيء الآن، بقدر ما يعني تكليف بنكيران بقيادة الحكومة تحوله إلى رجل دولة يتوفر على تصوراته هو الآخر للإعلام وللدورالمنوط بهذا الإعلام ولكيفية مرافقة نساء ورجاء الإعلام لعمل حكومته.

هذا الأمر مقبول جدا، لكن المرفوض تماما هوأن يتخيل بنكيران أن دور الإعلام الواحد والوحيد اليوم هو أن يطبل لحكومته، أو أن يرافقها بالإيجاب فقط. كما أنه من باب العبث اليوم مطالبة الإعلام العمومي -فقط لأنه عمومي- بأن يتحول إلى بوق حامل لصوت بنكيران وحزبه ووزرائه، وأن يلغي بقية الأصوات المعارضة لئلا يقال إن هناك تشويشا على الرجل وعلى عمل فريقه.

في الصحافة المكتوبة أيضا لا تبدو الاستعانة لا بالأصوات الحزبية ولا بالأصوات شبه الحزبية من “المؤلفة جيوبهم” أمرا ناجحا جدا في التواصل “المؤسساتي” لحكومة الرجل. أفضل من ذلك ترك عمل الحكومة يدافع عنها، عوض أن يتم اللجوء المرة بعد الأخرى إما لخدمات من يتطوعون مجانا أو بمقابل قد يختلف للقيام بهذا الدور، أو اللجوء لاستعراض المهارات الكلامية واللفظية في قبة البرلمان حد السقوط في النقيض من المراد من هذا الاستعراض أي الظهور في مظهر الضعيف الذي يستقوي على معارضيه بالصوت العالي عوض أن يستقوي عليهم بالأرقام والحجج والدلائل والمشاريع على أنه سائر في طريقهه السليم نحو تحقيق مايفترض أن الشعب المغربي _أو الجزء الذي صوت عليه من هذا الشعب_ أراده منه من خلال اختيار حزبه لقيادة الأغلبية في الانتخابات الأخيرة.

مشكلة بنكيران مع الإعلام ليست مشكلة الرجل وحده، بل هي مشكلة الطبقة السياسية التي تجد الواحد منها وقد كلف نفسه حمل الهاتف صباحا أو بالليل لكي يشكرك ويهنئك ويشد على أيديك معا بعد كتابة مقال يساير هواه ويحظى بقبول في نفسه، ثم تجد نفس الواحد وقد اغتاظ منك حين كتابة شيء لا يروقه، ولم يترك كلمة واحدة من قاموس التشكيك والاتهامات بالعمالة إلا واستعملها في حقك، دون أن يتذكر أنك نفس المخاطب الذي هنأه ونوه به قبل أيام قليلة دون أن يفسر إن كان هو الآخر قد أوحى لك بكتابة ماكتبته عنه تماشا مع اتهاماته الجديدة.

نعم، هناك بعض من بني الجلدة الصحفية ممن يقبلون على أنفسهم لعب هذا الدور، ومن وجدوا الربح التجاري لهم في العوم على عوم السياسيين: يداعبون زغب هذا لكي يرضى فينهال عليه إشهارا، ثم يضغطون على الثاني إلى أن “يفهم راسو”، ويتجنبون مواطن الحرج التي قد تعصف بدكاكينهم الصحفية، ويرسمون خارطة التحولات في مواقفهم بناء على خارطة الإعلانات التي تمدهم بها أقسامهم التجارية.

الكارثة هي أن رئيس الحكومة يعرف بعض النماذج من هؤلاء لذلك يتصور أن الكل “بحال بحال”، وأن المصلحة العامة التي قد تقول هاته الجريدة أو هاته القناة أو غيرهما إنها تدافع عنها هي مجرد كلمة براقة لإخفاء دفاع مستميت عن مصالح جد صغيرة من العيب أن تصبح اليوم محركة لكل هذا النقاش الذي يفترض أن يبقى كبيرا كبر مشاكل هذا البلد وتحدياته.

لكن هل يمكن أن نطالب رئيس الحكومة، وهو رجل قادم من ميادين بعيدة عن الصحافة، بفهم الدورالحقيقي للإعلام إذا كان بعض المنتسبين للحرفة _إن حقا أو زورا وبهتانا_ لم يستوعبوا هذا الدور بعد؟

محال، والله أعلم على كل حال، ومعه بعض العارفين ببواطن الأمور. انتهى.