• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الأربعاء 10 أكتوبر 2012 على الساعة 15:14

شوية ديال السلفية

شوية ديال السلفية
لمختار لغزيوي [email protected]

بسبب “تجرئه” على انتقاد رفع الأعلام السوداء في مظاهرات السلفيين، يتعرض القيادي المعروف في السلفية الجهادية عبد الوهاب رفيقي، المشهور بأبي حفص، لحملة انتقادات وصلت حد اتهامه بالانبطاح والمساومة. الرجل اليوم يجرب معنى عدم قبول الإخوة من بني التفسير المتطرف للدين لرأي عبر عنه، ولا يسعنا في المجال إلا التعبير عن التضامن معه في “محنته” الفكرية، وإن كنا متأكدين أنه “ما عندو ما يدير بالتضامن ديالنا”، لكنه الواجب المبدئي الذي نؤمن به والذي يجعلنا ننتصر مرة بعد المرة، وكل مرة لخيار التعبير عن الرأي، وحرية البوح بما يعتمل في القلب والعقل والوجدان من أفكار.

وإذ نتضامن هذا التضامن الضاحك مع رجل تضامن من قبل مع من أفتى بقتلنا، نهرب من الضحك بسرعة، ونمر إلى الجد، بل وإلى “جد الجد كمان” مثلما يقول المصريون، ونطرح اليوم السؤال عن هاته المصيبة التي ابتلينا بها في كل الأقطار المؤثثة للتابوت الممتد من الماء إلى الماء والمسماة سلفية.

كنا نعرف في السابق الإخوان، والجهاديين، وكنا نميز بينهم بالصفات واللباس وبدرجة القدرة على القبول بالآخرين، وكنا نبقي باستمرار على إيماننا بأن هؤلاء مهما بالغوا في إبداء الإيمان والرغبة في التميز به عمن عداهم من المسلمين غير الصالحين مثلما يعتبرونهم، يظلون مقبولين في المجتمع، يحادثوننا ونحادثهم. يدعون لنا بالهداية، ونتمنى لهم الخروج من الضلال، ونعتقد جازمين أننا سنلتقي وإياهم في شيء ما إن لم يكن في أشياء كثيرة.

لكن ومنذ حرب الخليج الأخيرة، ومنذ الهبة الكبرى نحو أفغانستان، ومنذ أن دكت أمريكا حصون بن لادن والملا عمر في أرض الماريخوانا والدين تلك، هلت علينا هاته الجحافل المجددة بإسلام بشتوني متعصب، لاعلاقة له بكل أنواع الإسلام التي جربناها من قبل. بل حتى الإسلام الوهابي اليوم أضحى عاجزا عن مجاراة السلفيين المتشددين في تطرفهم، وأضحى غير قادر على منافستهم في تكفير الخلق، بل والمرور بعد التكفير إلى تنفيذ “حد الله في العباد” دون انتظار الرأي أو المشورة من أحد.

اليوم السلفيون يحكمون في مناطق معينة من عالمنا العربي الإسلامي المسكين، فهم ممتلكو سلطة فعلية في تونس، وهم جزء من النظام الحاكم في ليبيا مهما تظاهر حكام طرابلس بالعكس، وهم شركاء الإخواني محمد مرسي في حكم مصر، بل هم الفزاعة التي أرعبت العسكر يوما وجعلت هؤلاء الأخيرين يفكرون طويلا قبل تزوير النتائج لصالح شفيق، وهم طبعا اليمن السعيد بجهل أهله وتطرفهم, وهم العراق الذي قدم لنا منتوجهم الأول أبو مصعب الزرقاوي قبل الجميع، وهم سوريا وشعارات التكبير التي ترفع في وجه بشار ليل نهار في انتظار سقوطه.

في المغرب السلفيون، هم حكاية معقدة بعض الشيء. لدينا مجتمع لا يقبل مثل هاته الأفكار ويعاديها من البدء، لكن بعضنا سقط فريسة هذا التطرف في الحياة وفي الدين، وشرعت المسألة في الانتشار شيئا فشيئا إلى أن اكتشفنا بيننا من يعتقد أن خمار المرأة المسلمة هو في تغطيتها بالكامل بحيث لا يظهر منها أي شيء، ووجدنا أناسا يتصورون أن زواج الشاهدين العدلين الذي دأب عليه المسلمون من أبناء الجلدة منذ قديم الزمن هو زواج باطل، وشرعنا بعدها في التعرف يوما بعد الآخر على تصورات جديدة للدين الإسلامي لم نكن نعتقد أنها ستصلنا في هذا البلد الأمين لولا أننا كنا واهمين.

اليوم التيار السلفي المتطرف موجود في البلد، وفي طنجة لوحدها حرص هذا التيار غير ما مرة على أن يعبر عن نفسه بكل قوة، وعكس تحكمه في أنصاره أو من هم في حكم أنصاره في عديد الوقفات. والأمر ذاته عشناه مرارا وتكرارا سواء في وقفات السلفيين داخل السجون، أو في بعض الاحتجاجات الأخرى، لكننا، لحسن الحظ، لا زلنا على بر الأمان.

نقول لا زلنا على بر الأمان، ونتمنى أن نبقى على البر ذاته، خصوصا وأن التيار الإسلامي الموصوف “بالاعتدال”، يشهر في وجوهنا باستمرار الورقة التي تقول “إما أن تدعوا الإسلاميين المعتدلين يقودون كل شيء اليوم، وإلا فدونكم السلفيين وسيفعلون بكم ما يشاؤون”.

الكارثة مع مثل هكذا تحليل هي أنه يثبت خطأه باستمرار، ففي كل الدول التي سبقتنا إلى المحرقة الإسلاموية، كان الانتقال من الإسلام المعتدل إلى الإسلام المتطرف هو التطور الطبيعي بغض النظر عن تسليم السلطة للمعتدلين من عدمها، ما يعني أن الحكاية ليست بالبساطة التي يريد البعض إقناعنا بها في هذا الموضوع.

 

المسألة أعقد بكثير، وحلها لن يكون إلا باعتناق الحرية العدو الأول والأساسي لهؤلاء.