• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الأحد 30 ديسمبر 2018 على الساعة 23:20

شكون هو وكيف داير ومنين جا وكيفاش بدا وعلاش وصل.. أسرار من مسار عبد اللطيف حموشي (صور)

شكون هو وكيف داير ومنين جا وكيفاش بدا وعلاش وصل.. أسرار من مسار عبد اللطيف حموشي (صور)

حزام الأمان… سرّ الأمان!

وسَم 2018 بقيادته لمديرية مراقبة التراب الوطني والمديرية العامة للأمن الوطني في سياق خاص. جهازان تمكنا، تحت إمرته، وعلى امتداد شهور العام، من تجنيب البلاد والعباد خطر الإرهاب والجريمة المنظمة، وإحباط مخططات كثيرة حِيكت لترويع المغاربة.

مدير “الديستي” و”البوليس” من الشخصيات الحاضرة في وسائل الإعلام الوطنية والدولية، وفي وسائل للتواصل الاجتماعي، واسمه يردده المغاربة من كافة الشرائح. لكن، في مقابل هذا الحضور الكبير، هناك نُدرة في المعطيات حول مساره وشخصه. اختياره شخصية للعام مناسبة لمحاولة تركيب جزء من صورة/ بورتريه عبد اللطيف حموشي.

“مع أنا حلّيت الباب مع هو وقف من الكرسي (…) أنا غادي عندو هو غادي عندي (…) ديك العشرة ميترو ولاّت كتبان لي عشرين مترو (…) هاديك المسافة طوالت عليا (…) هو بحال يلا شافني مخلوع (…) مدّ ليا يدُّو وسلّم عليّا مزيان، سلام حار، قالّي: مالك؟ خايف؟ قلت ليه: شوية، قالّي: باش خايف؟ كون كنتِ داير شي حاجة اللي تخاف عليها ما نجيبوكش هنا (…) قالّي: تفضل… ريّحت”.

بهذه العبارات المتقطعة وثّق “مول التريبورتور” الشهير لِلَحظات استقباله من طرف عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني.
حدث ذلك ذات يوم نهاية شهر ماي الماضي. والقصة تستحق أن تُروى من جديد.

الوزير والسّيرور!

“مول التريبورتور” هو ذاك الرجل البسيط، الذي ظل يعيش في الهامش البيضاوي، باحثا عن رزقه، راكبا دراجته ثلاثية العجلات.
كان كل شيء يسير عاديا، أو يكاد، إلى أن وجد نفسه، يومها، في مكتب واحد من أقوى الشخصيات الأمنية في البلاد. أمر لا يصدق، لكنه حقيقة.

حتى وهو يروي، بكلمات بسيطة متناثرة، ما حدث، وكيف حدث ما حدث، بدا أنه غير مُستوعِب.

بعد صدامه مع رجل أمن، بما تخللته لحظات الصدام من انفعال كبير وكلام غير لائق وصفعة غير مقبولة، كان كل أمل الرجل البسيط أن يستعيد دراجته، مصدرَ رزقه، وقد صادرها الشرطي. أما ما حدث بعد ذلك فكاد يكون من الخيال.

سيستقبله حموشي بنفسه، وفي مكتبه، وسيعتذر إليه. “قالّي: جلالة الملك كيآمرنا باش نخدمو هاد البلاد، وكنعتذر ليك، هاداك السلوك راه ما يليقش بالأمن الوطني (…) وعاودها المرة الأولى والثانية والثالثة، وقالّي راه حنا كنعتبرو بحال اللي كيسيري الصبابط بحال الوزير راه كلكم مغاربة (…) اللي دار الشر يتجازا عليه واللي دار الخير (…) المهم قالها بواحد اللغة ديال القراية (…) تهزّات لي المعنويات ديالي، وتمّا فين حسّيت رجع لي الاعتبار”.

أكثر من اعتذار

ليس “مول التريبورتور” الوحيد الذي فاجأه سلوك عبد اللطيف حموشي، أو “السي عبد اللطيف”، كما يسمّيه بعض المقربين منه.
كان الأمر مثيرا للغاية. أكبر من اعتذار إلى مواطن تعرض لشطط رجل أمن. كان رسالة عنوانها: التغيير ليس مجرد كلام.

سلوك غير مألوف، وربما غير مسبوق، سيتحول، في دقائق، إلى حديث لوسائل الإعلام الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.
حموشي يعتذر؟ نعم!
مقالات، وصور، وتدوينات، وكثير من التنويه والإشادة.
من النادر جدا أن يثني رواد وسائل التواصل الاجتماعي على مسؤول في الدولة، لكن حموشي نال هذا الاستثناء، ولم تكن المرة الأولى. حتى على منصة اليوتيوب، عشرات الفيديوهات بعناوين مختلفة يخاطب أصحابُها حموشي. شكايات، وتظلمات، ونداءات… كثير منها يلقى التفاعل، وبسرعة، من الرجل الأول في جهاز الأمن الوطني.

ما الذي حوّل هذا الرجل الصارم الصامت إلى “بطل”؟ وما الذي رسم لهذا الرجل الحازم الخجول صورة “المسؤول النموذجي”؟ “حموشي واحد من رجالات عهد الملك محمد السادس، وقد استطاع أن ينسينا في رجالات العهد السابق الذين ارتبط بعضهم بالبطش والتسلط”، يجيب عضو في واحد من الأحزاب السياسية التاريخية.

ربما هذا ما كان يقصده زعيم حزب سياسي وهو يردد، أكثر من مرة، في دردشاته الخاصة، “يا ريت كون كان عندنا بزاف ديال حموشي”، بل قال أيضا: “العمل اللي كيدير حموشي فالبوليس دليل على أن الإصلاح ممكن، وخاص هاد الشي يكون فمجالات أخرى”.
الأمر ليس صدفة إذن.

مسار استثنائي

قبل عام 2005، كانت وحدها دائرة ضيقة من أطر مديرية مراقبة التراب الوطني تعرف شخصا يسمى عبد اللطيف حموشي.
مثل كثيرين، كان شابا يشق طريقه المهني في مجال حساس، بعيدا عن الأضواء، إلا أن الاستثناء سيرافقه طويلا.

سيصير وجه حموشي، بالتدريج، مألوفا منذ استقبله الملك محمد السادس، عام 2005، ليعينه مديرا عاما لمراقبة التراب الوطني.
ها هو وجه جديد يظهر على الساحة الأمنية. كثير من الفضول.
بدا وجه الشاب، على الصورة الرسمية للاستقبال الملكي، يمزج بين قسمات صارمة وملامح خجولة. ليس فقط لأنه كان في حضرة الملك، فـ”حموشي مؤدب وحشّومي بزاف، ومتدين”، يؤكد أكثر من مصدر اشتغل إلى جانب “السي عبد اللطيف”، أو التقاه صدفة. “إضافة إلى أدبه، هو رجل يهتم بالتفاصيل، حتى في هندامه وأناقته”، يؤكد صحافي التقاه في مناسبة عامة ذات يوم.

عُمر “السي عبد اللطيف” عند تعيينه مديرا عاما لمراقبة التراب الوطني لم يكن أكثر من 39 عاما. هذا هو الاستثناء الأكبر. كيف ذلك؟ “حموشي سيكون المسؤول الأصغر سنا بين زملائه في أجهزة الأمن الداخلي في العالم”، يجيب مصدر مطلع.

لم يكن الرجل غريبا عن مديرية مراقبة التراب الوطني، فهو واحد من “أبناء الدار”، ينبه مصدر متابع لمساره، مستنتجا: “وهذا من ميزاته ونقط قوته”، إضافة إلى أنه “عارْف المغرب والمغاربة”، يقول المصدر المتابع.

حتى وإن كان يحيط نفسه، وعائلته، بكثير من الكتمان، بالنظر إلى طبيعة وظيفته، يشير مصدر متابع لعمل الأجهزة الأمنية في المغرب، فالمعروف هو أن حموشي واحد من “أولاد الشعب” يتحدر من “أسرة عادية بحال كاع المغاربة”، يقول المصدر.

صعود قياسي

في فاس، حيث وُلد عام 1966، سيتابع عبد اللطيف حموشي دراسته الأساسية والثانوية والجامعية. وفي صيف عام 1989، وعمره 23 عاما، سيحصل على دبلوم في الدراسات العليا في العلوم السياسية.
من الجامعة إلى وزارة الداخلية مباشرة، حيث سيجتاز خدمته المدنية، و”بعدها سيبدأ مرحلة التميز في مجال الاستعلامات والأمن الداخلي”، يقول أحد أقرب مساعديه.

التحق بالمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني سنة 1991، برتبة عميد شرطة، قبل أن يترقى إلى درجة عميد شرطة ممتاز عام 1997، ثم عميد شرطة إقليمي عام 2001.

وفي عز العمل الاستخباراتي ضد الإرهاب في المغرب، في سياق ما بعد أحداث 16 ماي 2003، ستتم ترقية حموشي إلى مراقب، عام 2004. سيستمر في التألق المهني إلى غاية تعيينه مديرا عاما لمراقبة التراب الوطني (ديستي).

لن يتوقف صعود حموشي عند هذا الحد، فقد تمظهرت الثقة الملكية في الرجل، مرة أخرى، في ماي 2015 عندما عينه الملك محمد السادس في منصب المدير العام للأمن الوطني، مع احتفاظه بمنصبه السابق، ليكون أول مسؤول مغربي يجمع بين المنصبين في تاريخ المغرب المعاصر، ويكون أيضا أول مسؤول أمني يوشحه الملك، في شهر يوليوز 2011، بوسام العرش من درجة ضابط.

كان التعيين نقلة نوعية، واستثناء جديدا، ليس في المسار المهني لحموشي فقط، بل في فعالية وأداء واحترافية الأمن في المغرب. “جمعه بين المنصبين كان يعني تجميع المعلومة الاستخباراتية مع الأمن العمومي، وهذا ساعد في الحد من الجريمة المنظمة، وأجهض كل محاولات المافيا الدولية الاستيطان في المغرب، حموشي وظف المعلومة الاستخباراتية في الأمن العمومي وهذا من نقط القوة الكبيرة للإنجازات التي قام بها”، يؤكد عبد الرحمان المكاوي، الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية.
هل من وصفة سحرية لهذا الصعود القياسي لحموشي؟ بالتأكيد نعم.

وصفة الصعود

بين تكليف وآخر، وبين مهمة وأخرى، كان عبد اللطيف حموشي يجر خلفه دراية كبيرة بـ”عالم التطرف” و”الإسلام السياسي”. عايشه وعاين مظاهره على امتداد سنوات الدراسة في جامعة محمد بن عبد الله في فاس. “حموشي تفاعل مع الصراع الفصائلي بين جماعة العدل والإحسان والقاعديين والماركسيين في فترة تميزت بالدموية، وقد كان ملاحظا محايدا، وطيلة فترة الدراسة الجامعية تمكن من الإلمام بالفصائل الطلابية، وقد تخصص في تنظيمات الإسلام السياسي في المغرب”، يذكر عبد الرحمان المكاوي، الأستاذ الجامعي والخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية.

وبالنسبة إلى أحد أقرب مساعدي حموشي، “كان الإطار الشاب شغوفا بالبحث العلمي، مدمنا على التحاليل الأمنية والاستعلاماتية لكل المخاطر المحدقة بالمحيط الإقليمي للمملكة، وهو ما جذب إليه انتباه رؤسائه المباشرين، الذين لمسوا فيه نبل الشيم ونباهة الحدس”.
على هذا الأساس، سيستفيد حموشي من سلسلة تكوينات في الخارج، حيث أًرسل “في عدة بعثات أمنية من أجل الدراسة والتحصيل، فعاد متأبطا عدة شواهد في مجال التحليل الأمني وتدبير المخاطر والأزمات الكبرى”، يقول المصدر ذاته.

هكذا سيبصم حموشي على حضور قوي في الجهاز الذي بدأ فيه حياته المهنية. تجربته وتفرغه الدائم للعمل فتحا أمامه “الباب للتميز الوظيفي، حيث تم تكليفه أولا برئاسة قسم في المصالح المركزية، ثم برئاسة مديرية فرعية في سنة 2000، فمديرا مركزيا لواحدة من المديريات العملياتية، قبل أن يحظى بشرف التعيين الملكي، في سنة 2005، في منصب المدير العام لمراقبة التراب الوطني، ليكون المسؤول الأصغر سنا بين زملائه في أجهزة الأمن الداخلي في العالم”، يضيف المصدر.

إنجازات خارج الحدود

رغم صغر سنه، كانت احترافية حموشي محور اهتمام في عواصم عالمية، فــ”إضافة إلى التتويج الوطني والتشريف الملكي، كانت منجزات الرجل تتخطى الحدود، وتتطبع بطابع عابر للحدود الوطنية، ما أهله للحصول على أوسمة رفيعة المستوى من عدة دول أجنبية”، يذكر المصدر المقرب من حموشي.

في غشت 2011، سيوشحه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بوسام فارس جوقة الشرف. وفي 2016، سيوجه الرئيس فرانسوا هولندا بوسام ضابط جوقة الشرف. وفي أكتوبر 2014، وبقرار من وزير الداخلية الإسباني، وشحت المديرية العامة للشرطة الإسبانية حموشي بأعلى وسام تصدره المملكة الإسبانية، وهو “نجمة الاستحقاق الحمراء”، اعترافا بجهود المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في تعزيز التعاون الأمني المشترك بين البلدين، والذي ساهم في تحييد المخاطر المحدقة بالجارة الشمالية للمغرب.

وبعيدا عن الشركاء التقليديين للمغرب في المجال الأمني، يحكي أحد أقرب مساعدي حموشي، “كان ساكنو البيت الأبيض يتابعون باهتمام كبير إنجازات الرجل، وجهود المؤسسة الأمنية الوطنية في مكافحة الظاهرة الإرهابية، فجاء الشكر والتقدير أولا من الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، ثم من الرئيس السابق باراك أوباما، وأخيرا من وزارة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس الحالي دونالد ترامب”.

ليس هذا فحسب، “فقد مكنت التجربة الغنية للرجل، وطنيا ودوليا، من أن يحظى بشرف تكليفه من طرف السلطات العليا للبلاد للقيام بمهمات لدى العديد من رؤساء الدول والحكومات في إفريقيا وأوروبا ومنطقة الشرق الأوسط”، يقول المصدر.

الرجل هو الأسلوب 

لم ينتظر حموشي كثيرا ليثير الانتباه إلى تميز أدائه على رأس المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وبعدها على رأس المديرية العام للامن الوطني. سيؤكد، على طريقته، أن قاعدة “الرجل هو الأسلوب” صحيحة وممكنة.

“نجح في تكوين منظومة استخباراتية تتوفر  على منظومة قضائية، واستطاع التوفيق بين حقوق الإنسان وبين الضرورة الأمنية، واستطاع تنظيف الصورة السابقة، ولا ننسى أنه فتح باب الاستخبارات أمام الهيآت الحقوقية الوطنية والدولية، فأمنستي مثلا تستحضر في العديد المرات أن مديرا عاما لجهاز مخابرات عربي فتح قلبه وبابه للمنظمات الحقوقية”، يقول عبد الرحمان المكاوي.

منذ البداية، بدا أن حموشي يراهن كثيرا على الشق الحقوقي، فهو “يتفاعل معنا إيجابيا فيما يتعلق بالتكوين في مجال حقوق الإنسان”، يؤكد مصدر من المجلس الوطني لحقوق للإنسان.
سيراهن على الإعلام أيضا، ففي عهده تأسس المكتب المركزي للأبحاث القضائية، وفي عهده فتح هذا المكتب أبواب مقره في سلا أمام وسائل الإعلام وخرج مسؤولوه في حوارات مع وسائل إعلام وطنية ودولية. حتى إن كان هو جانحا إلى الصمت “يفضل أن يبقى بعيدا عن الأضواء، ولا يحب الظهور ولا يحب الضجيج الإعلامي، فإنه يترك التواصل للقطاعات التي لها شأن بذلك”، يقول الخبير عبد الرحمان المكاوي.
قسمات الرجل الحازمة سرعان ما تتلاشى عندما تسمع شهادات مساعديه والعاملين تحت إمرته، “تجد نفسك أمام رئيس إداري بأبعاد إنسانية ومناقب نبيلة، كثير الإصغاء، دائم الحضور”، يؤكد كثير ممن تقاطعت مساراتهم الوظيفية مع عبد اللطيف حموشي.

“لقد أتقن ثنائيات: القانون مع الإنسانية، صرامة الأوامر مع الإنصات، المكافاة مع المحاسبة”، يقول مصدر آخر. إنه “يشتغل بلا عطلة سنوية ولا عطلة في نهاية الأسبوع”، يؤكد أحد أقرب مساعديه. و”قد أظهر الجدارة في محاربة الجريمة والإرهاب، وأيضا في تخليق المؤسسة الأمنية”، يقول مصدر حقوقي بكثير من الاقتضاب.

بعيدا عن الانطباع

قبل أيام، ظهر عبد اللطيف حموشي في صورة سيلفي مع شاب في فندق سوفيتيل في الرباط.
على عكس الصرامة والحزم اللذين يطبعان وجهه وهو بالزي الرسمي، عادة، بدا على الصورة بابتسامة خجولة غالبا ما تخفيها قبعته الأمنية، أو هو يتعمد إخفاءها للضرورة الأمنية.

السيلفي لاقى تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد أظهر أن الرجل بشر قبل كل شيء.
“قليلة هي صور عبد اللطيف حموشي المتداولة إعلاميا، ونادرة هي تصريحات الرجل العلنية، لكن مواقفه ومنجزاته تصدح بكل ما هو إيجابي، وتؤشر على عمل استثنائي لمسار رجل ندر حياته في الظل، لتحقيق منجزات أمنية في العلن”، هكذا يعلق واحد من أقرب مساعديه.

حموشي استطاع أن يحقق معادلة الصمت والتواصل، ف”صمته لم يحل دون توطيد تواصل وانفتاح المؤسسة التي يشرف عليها، فقد أضحت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني حاضرة باستمرار في الندوات الصحافية التي ينظمها فرعها القضائي، الممثل في المكتب المركزي للأبحاث القضائية، في حين قطعت المديرية العامة للأمن الوطني أشواطا كبيرة في سياق تنزيل الإعلام الأمني، الذي يحاول تذليل ذلك التنافر الوهمي الذي كان قائما بين الأمن كمرفق مؤسساتي والصحافة كرسالة إعلامية”، يشرح المتحدث.

راهن حموشي كثيرا على العنصر البشري، وعلى مُصالحة المصالح الأمنية مع المواطنين، مسنودا بتعليمات ملكية، ففتح أبوابها أمامهم، وعاقب من ثبُت أنه يستحق العقاب من أطرها، لكنه أيضا أظهر عناية كبيرة بظروف اشتغالها ووسائل عملها. “عمل على تحسين الوضعية المادية لرجال الشرطة بجميع أسلاكهم، وعمل على التشبيب، مع التركيز على ذوي المؤهلات العلمية، خاصة التكنولوجية، وأنشأ مصالح خاصة بالجريمة الإلكترنية والاقتصادية، وأحدث منظومة استراتيجية أمنية لمكافحة الجريمة التي تتطور، خلق بنك معلومات في جميع التخصصات، يخضع للتحديث على مدار الساعة، هو قريب من عناصر الشرطة، في الاستماع، ويتابع ما يجري في المديرية العامة للأمن الوطني متابعة دقيقة”، هكذا يلخص عبد الرحمان المكاوي طرقة عمل حموشي، والنتيجة واضحة للعيان: هزيمة للإرهاب على أرض المغرب وشُرطة في خدمة الشعب، ومسؤول أمني مخابراتي يلقى التنويه الرسمي والشعبي… وهذا نادرا ما يحدث.