• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الإثنين 01 أبريل 2013 على الساعة 12:16

شعب لكذوب

شعب لكذوب لمختار لغزيوي [email protected]

لمختار لغزيوي [email protected]
كل عام وأنتم بخير أيها الكذبة. اليوم فاتح أبريل. عيدكم ويومكم العالمي. استحت البشرية فقط أن تقيم للكذب يوما عالميا فأطلقت على الأمر إسم “فاتح أبريل” أو سمكة أبريل للراغبين في الظهور أكثر حضارة وتفرنسا. حسنا إذن، ولا مفر مما ليس منه هروب. لنحتف مع الكاذبين والكاذبات من أبناء الجلدة ومع غيرهم من “البرانيين”.
لنقم للكذوب” قداسه العالمي، ولنتأمل في المشهد العام كله قليلا عسانا نعثر على أكثر كذبا فنتوجه في هذا اليوم الأغر.
من يستحقها حقا من بيننا أكثر من الآخرين؟
حقيقة يصعب الحسم، والمنافسة شرسة بكل المقاييس، وأناس عديدون في الوطن يبدون مؤهلين للمنافسة على اللقب، وهم ليسوا بالضرورة أولئك الذين نعتقدهم ونستسهل أن نحكم عليهم من الوهلة الأولى أنهم ينتمون إلى صنف “الكذاب الأشر” الذي تحدث عنه القرآن الكريم.
لنبدأ اللعبة ولنلتق في ختامها فالأمر سيكون مسليا دون أدنى إشكال: مستحق اللقب لهذا العام وللسنة المليون على التوالي، شعبنا المغربي العظيم. هذا الشعب أكذب شعوب الأرض وأكثرها ابتعادا عن قول الحق.
تعثر على المغربي في “السبيطار” و”السيروم” يتدلى من مقلتيه. أبناؤه الصغار يحيطون به وهم يرتدون أسمالا بالية، وزوجته تصرخ قربه بكل ابتذال “شكون غادي يبقا ليا من بعدك يا بوراس؟”. تسأله “كيفاش داير؟”، يجيبك بكل وقاحة “لاباس الحمد لله”. تمسك الرأس بين اليدين وتبحث عن اللابأس الذي لم يصب الرجل المسكين. تجده وقد أحاط به القصف العشوائي من طرف الزمان من كل مكان: لا شغل ولا مشغلة، ولا حياة ولا سكن، مثل بيت المتنبي الشهير “بم التعلل لا أرض ولا سكن، ولا نديم ولا أهل ولا وطن”، لكنه حين الرد على السؤال التقليدي لكل المغاربة “آشخبارك؟” لا يجد مناصا من الرد بأكثر الطرق تقليدانية “لاباس”.
هل هناك شعب أكذب من هذا الشعب إذن؟
تترك مغربي السبيطار لمولاه, وتخرج إلى الشارع. تجلس في أي مقهى من مقاهينا الكثيرة. يطير على رجليك _ لاليقبلها ولكن لكي يجعلها أكثر لمعانا _ ماسح أحذية ممن يوجدون بكثرة في الوطن. عيناه مرفوعتان إلى أعلى بفعل السيراج الذي يستنشقه كل يوم من الأرجل, وبفعل بقية “المكلخات” التي يتدبر أمرها بدراهم السيراج. مشهده خرافي وهو أسفل، ومشهدك أكثر خرافية وأنت أعلى دون أي مبرر معقول.
يتحدث عن الكرة وعن الرجاء وعن المنتخب وعن الطاوسي. يدعو على الجميع بالخراب، ويدندن أغنية بلال الشهيرة “في خاطر ماهم استعمرونا، يكورو فينا كي الدلاع”. يخبرك أنه من العونات _والقصة حقيقية مائة في المائة_ وأنه استقدم زوجته ووالدته المسنة وأبناءه الثلاثة من البلاد إلى الدار البيضاء حيث اكترى في مكان ما من حي الألفة بيتا فوق السطح بثمانمائة درهم. يقول إنه يهرب أكثر الوقت الممكن من العودة إلى البيت, وأنه ينتظر وفاة والدته المسنة من أجل مساحة أرحب في البيت. تسأله “فيما عدا هذا؟” بعرنسية المغاربة الشهيرة “آبار سا”، يجيبك بكل اقتدار “آبار سا، بخير وعلى خير وماخاصنا حتى خير”.
فتح الفم نفسه دهشة واستغرابا، وتعثر للناس في الوطن على اكثر من سبب يجعلهم يكذبون هاته الكذبة الكبرى كل يوم بل كلس ساعة، وهم يرفضون التركيظ مع مشاكلهم، أو اعتبارها قادرة على التنغيص عليهم حياتهم كلها. في الختام هم يهربون من هاته المشاكل بطريقة رائعة، ولا يتيحون لها أن تكون كلمتها هي العليا. إذ ما الذي سيضيفه إليهم أن يعترفوا أن الزمان غلبهم وأنهم لم يعودوا قادرين على مقاومة؟
في الحقيقة لا شيء، لذلك يكذبون. يتأملون اللوحة كلها من أعلاها إلى أسفلها فيجدونها غير قادرة على الاستجابة لكل أحلامهم وآمالهم في الحياة، فيقررون أن كل ما يقع لهم في هاته الدنيا هو مجرد تفاصيل تافهة لا تستحق أن تكون دليلا على فشل أو ما يشبهه، ويمرون باستمرار إلى الجملة السحرية لدينا جميعا “لاباس” والسلام.
الشيء المؤسف الوحيد في العملية هو أن غالبية شعبنا لا تستغل تفوقها في هواية الكذب هاته احترافيا، وتفضل التمتع بها والسلام، تاركة المجال الأكبر من الاستفادة لقلة قليلة من الناس تجعل من “لكذوب” سلعتها الأولى للمتاجرة في هاته الحياة.
البعض يسمي هاته القلة سياسيينا، والبعض الآخر يقول إنهم كل الأذكياء الذين يستغلون نواقص هذا الشعب الكثيرة من أجل “زياداتهم” التي لا تنتهي, والبعض الثالث لا يقول شيئا.
هو فقط يصر على الاحتفال بهذا اليوم مثلما يليق به، ويحرص كلما أتى الفاتح من أبريل العظيم على أن يقيم لسمكته كل آيات الاحتفال، ويكتفي انتظار بقية أيام العام، وبقية أسماكه الكثيرة.