• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الأربعاء 03 يونيو 2015 على الساعة 12:04

شامة درشول تتساءل: لماذا يعجز فايس بوك عن إخراج المغاربة إلى الشارع؟

شامة درشول تتساءل: لماذا يعجز فايس بوك عن إخراج المغاربة إلى الشارع؟

أكثر من 5 ملايين حساب مغربي على الفايس بوك.. ها شنو كيبغيو المغاربة!! (لائحة)

شامة درشول

من تونس، جلست أتابع ردود فعل المغاربة داخل وخارج البلاد وهم يحتجون، يحللون، وينتقدون كل ما يدور في فلك عيوش، أبيضار، ولوبيز.
كان شعب فايس بوك المغربي والذي أصبح يقارب 8 ملايين حسابا ينتفض غاضبا، أو مدافعا، أو مدينا، لكن بقيت انتفاضته حبيسة حدود العالم الأزرق، في الوقت الذي كانت مظاهرة تجوب تونس بالمئات خرجت من شوارع فايس بوك إلى شارع الحبيب بورقيبة متسائلة”#وينو_البترول؟”، وحين سألت أصدقائي التوانسة من وراء هذا الحشد أجابوني”فايس بوك”.
لأتساءل: لماذا لم تخرج الحشود المغربية المحتجة من فايس بوك إلى الشارع؟
في 2006، ظهر فايس بوك إلى الوجود الرقمي كشبكة لتسهيل “المواعدة” بين طلاب الجامعات الأمريكية، ولم يكن مارك زوكربغ الذي ينسب له تأسيس هذا الوحش الرقمي يعتقد أن موقعه الذي أتى بعد نكسة عاطفية عاشها سيتحول إلى الصوت الثالث للشعوب العربية ولشعوب كثيرة في بلدان متقدمة.

شامة درشول
شامة درشول

أذكر أني في سنة 2007، كنت من بين المدونين الذين حصلوا على منحة تدريب بمركز الجزيرة في قطر لتلقي مبادئ الصحافة الرقمية، وهناك أخبرنا المدرب الفرنسي أنه “لا يجب أن نأخذ فايس بوك على محمل الجد”، وتدور السنوات، وأحصل في سنة 2009 على منحة من الخارجية السويدية مخصصة للقادة الشباب من أجل تعليمهم كيفية خلق “التغيير السلمي” في بلدانهم عبر “السوشل ميديا”، ومما تعلمناه كيفية خلق “الحملات الإلكترونية”، وتوظيف الشبكات الاجتماعية في الحشد والتعبئة والنزول إلى الشارع. لقد حول الغرب فايس بوك من مجرد “شبكة اجتماعية للمواعدة” إلى “محرك للتغيير”.
لكن المغرب “بلد الاستثناء”، بقي استثناء حتى على مستوى فايس بوك.
يسجل التاريخ الرقمي للمغرب أن أول صدى خلقه فايس بوك حين جاب اسم المغرب العالم في قضية “المهندس فؤاد مرتضى”، ليترك بعدها العالم الأزرق الساحة للتدوين المكتوب والذي أرجع المغرب إلى الواجهة الإعلامية الدولية مع قضية المدون محمد الراجي، ثم قضية “قناص يوتيوب” وارتشاء بعض من رجال الدرك.
في 2011، ومع بداية ما يعرف إعلاميا ب”الربيع العربي”، سيعود الألق لفايس بوك المغرب، وستطفو على سطحه أصوات مطالبة ب”الرحيل”، و”التغيير”، لكن وعكس باقي الدول التي عرفت رياح الربيع خاصة مصر، كانت هيئات وراء خروج المتظاهرين إلى الشارع، ولم يكن لا فايس بوك ولا تويتر ولا يوتيوب ما قام بمهمة الحشد والتعبئة للانتقال من الاحتجاج الرقمي إلى الاحتجاج الواقعي. ويكفي هنا أن أذكر بالنزاع الذي نشأ بين ناشطين، واحد ينتمي لجماعة العدل والإحسان، والآخر يحسب على النهج الديمقراطي،  حول من كان له السبق في إحداث صفحة عامة على فايس بوك تدعو إلى الحراك في المغرب على غرار ما يحدث في باقي البلدان.
هذا النزاع كان مؤشرا على أن فايسبوكيي المغرب ليسوا مستوعبين بما يكفي للسيف ذو الحدين لشبكات الإعلام الاجتماعي على رأسها فايس بوك، وهذا ما أشرت إليه في تقرير لي بعنوان “يوم قتل فايس بوك حركة 20 فبراير”، نشر سنة 2012 في كتاب لصحافيين من دول عربية وأوروبية بإشراف من الخارجية السويدية.
في نفس السنة، سأتحدث في “المؤتمر العالمي للاشتراكية” والذي نظم بالعاصمة المكسيكية عن “الأخطاء الإعلامية الخمسة لحركة عشرين فبراير”، وكان من بينها الإشارة إلى عدم فهم الفبرايريين ل”الشخصية المغربية على فايس بوك”.
لكن فيسبوك المغرب سيحافظ على ألقه حتى مع احتضار الحركة الفبرايرية، ويسجل، من سنة 2013 إلى اليوم، حراكا قويا فرض نفسه كصوت ثالث للمغاربة، لكن هذا الحراك لم يغادر جدرانه الزرقاء إلا في حالات نادرة جدا أذكر منها خروج بعض النشطاء للتظاهر “بتبادل القبل” أمام البرلمان، عدا ذلك فإن الحراك الفايسبوكي لم يخرج عن الأشكال التالية:
انتقال الجدال من الواقعي إلى الافتراضي: مثل ما حدث في “قضية الإجهاض” حيث كان فايس بوك مجرد امتداد للحديث عن قضية أثارها المجتمع المدني، وليس محركا، ولا حتى فاعل مؤثر.
الانتقال من الواقعي إلى الافتراضي ثم الواقعي عبر وساطة الإعلام التقليدي: وهنا أذكر على سبيل المثال “مشروع القانون الجنائي”، وقضية” الكراطة”.
الانتقال من الواقعي إلى الافتراضي ثم الواقعي: قضية الوزيرين بنخلدون والشوباني مثلا.
التفاعل الافتراضي-الافتراضي: مثلما حدث فيما يعرف ب”كريس كولمان”.
وهنا نخلص أن فايس بوك في المغرب يؤثر، لكن تأثيره لا يكون إلا بدعم من هيئات المجتمع المدني، أو من وسائل الإعلام التقليدي، وأنه لا يزال قاصرا عن تحقيق واحد مما استطعت دول مثل مصر،  أو إيطاليا، أو حتى روسيا تحقيقه حين كان فايس بوك في عدد من الأحداث المحرك الفاعل الأول الذي أخرج شعبه من جدرانه الزرقاء إلى شوارع الواقع. وهنا نعود إلى السؤال: “لماذا يعجز فايس بوك عن إخراج المغاربة إلى الشارع؟”.
1 ضعف التدريب: باعتباري مدربة سابقة في عدد من الدول لصحافيين ونشطاء ومدونين حول”تكنولوجيا التغيير”، وباعتباري مستشارة تخطيط في التدريب والإعلام لمنظمات دولية، كنت دوما ألاحظ أن المغاربة لم يكونوا محظوظين كما سواهم من سكان دول الجامعة العربية في الحصول على نصيب كاف من التدريبات التي أغدقتها المنظمات الدولية بمعونات حكومية غربية من أجل تدريب النشطاء الرقميين على “فن الحشد الرقمي”، وحين كنت أسأل القائمين على هذه المنظمات عن السبب وراء ما كنت أراه إهمالا كان الجواب “لا يوجد حراك حقيقي في المغرب”. ثقة هؤلاء في أن كل حراك في المغرب سيتم استيعابه، جعلت نشطاء المغرب لا يستفيدون بما يكفي من هذه التدريبات.
2 أصوات فايسبوكية ضعيفة التأثير: قد تجد على فايس بوك المغرب أصواتا قادرة على حشد الآلاف من اللايكات والتعليقات، وهي شخصيات في أغلبها تميل للتيار المحافظ وتوسم ببساطة الخطاب لدرجة السطحية، لكن هذه الشخصيات والتي تعد على رؤوس الأصابع غير قادرة على إخراج أتباعها إلى الشارع، عكس ما حصل في مصر ما قبل السيسي مثلا حين كان الناشط الرقمي الواحد يحظى بولاء كبير من أتباعه، ويأتمرون بأمره، وينزلون إلى الميدان بتوجيه منه.
4 الفايسبوكي المغربي يتبع الجماعة وليس الفرد: يستجيب الفايسبوكي المغربي لنداء الجماعة من أجل النزول إلى الشارع أكثر من نداء الفرد أو الأفراد، وبالتالي تتحكم الايديولوجية في اخراج المواطن المغربي من حجرته الزرقاء أكثر من تحكم الرأي المستقل فيه، وهذا ما ينقلنا إلى السبب الموالي:
5 “عدم أخذ فايس بوك محمل الجد”: في الشهر الماضي، قدمت محاضرة بالمعهد الهولندي لفائدة دبلوماسيين أجانب كانت بعنوان “الإعلام في المغرب: القصة غير المكتملة”. في هذه المحاضرة سألني دبلوماسي أمريكي: “ما هو أقوى إعلام بديل في المغرب؟”، أجبته”فايس بوك قوة الشعب لكن المغاربة لا يثقون فيه”، وحين استفسر شرحت له كيف استطاع فايس بوك أن يساهم في التأثير في عدد من الأحداث والقرارات، ولكنه ساهم فقط ويستحيل أن يؤثر وحيدا، وأرجعت السبب إلى ثلاث أمور كبرى، أولها أن المغاربة لا يأخذون فايس بوك على محمل الجد، وهو ما ستنتبه إليه حين تسمع أحدهم يقول “راه غير في فايس بوك”، بمعنى أن ينتظر تأكيد الخبر من مصدر آخر، أو ينتظر جهة أخرى لتعطي ما يحصل على فايس بوك مصداقية وقد تكون هذه الجهة الاعلام التقليدي، أو هيئة من هيئات المجتمع المدني، أو صناع القرار، هؤلاء يكادون يغيبون على فايس بوك بعكس عدد من الدول المتقدمة التي تجد فيها الحاكم أو صناع القرار يتواصلون عبر جدرانه، وهو ما يضفي بتواجدهم مصداقية على هذا الفضاء الأزرق في بلدانهم.
أسباب أخرى تفسر عجز فايس بوك على إخراج شعبه المغربي إلى الشارع والتحول من الاحتجاج الرقمي إلى الاحتجاج الواقعي، منها طبيعة شخصية المغربي التي تتسم ب”السخرية، النقد، والتحفظ”، وتتعامل مع أقل سلوك فايسبوكي مثل اللايك بكثير من “البخل”، أو كثير من “التبذير”، في حين أن “البارطاج”، حين يتم يكون على أشياء ساخرة، أكثر مما هي أشياء “تحرض” على الخروج للاحتجاج، وهو ما يمكن تفسيره أيضا بكون المواطن المغربي يفهم أن للبلاد نظامها الذي سيتدخل لإرضائه بشكل أو باخر، في الوقت الذي يؤمن فيه أن فايس بوك غير قادر على إحداث التغيير الفعلي، وأنه إن غير لا يريده أن يكون تغييرا سلبيا مثلما حصل في دول المنطقة، ليسجل فايس بوك “الاستثناء” في “بلد الاستثناء.