لازالت مجموعة من الشيوخ السلفية التي تعيش في القرون الوسطى بفكرها القديم والمليء بالتقليد، تحاول نشر سمومها بين الناس، ضاربة عرض الحائط الشعارات التي ترفعها المملكة المغربية، من تسامح وتعايش واحترام لجميع المعتقدات في ظل الدولة المدنية.
وكانت “دار القرآن التابعة” لجميعة “الهدى للثقافة والتربية” نظمت في مدينة إنزكان، يوم الجمعة الماضي (27 دجنبر)، محاضرة لشيخ سلفي يدعى أبو يونس محمد الفرعني، بعنوان “حكم مشاركة الكفار أعيادهم”، وهي المحاضرة التي لاقت استهجانا كبيرا من طرف رواد مواقع التواصل الاجتماعي قبل سماع فحواها، بسبب موضوعها الذي اعتبره البعض “محرضا على الكراهية والحقد، ويحمل في طياته عنصرية وعنجهية تقسم الناس حسب معتقداتهم”.
المحاضرة التي دامت لأزيد من ساعة، وسجل أحد حضورها فيديو نشره على موقع اليوتيوب، وضع فيها الشيخ السلفي كتبا من القرون القديمة، حاول بواسطتها تطبيق تلك الأحكام على الزمن الحالي، وذكر الحضور بما كان يسمى بـ”أهل الذمة” وكيف كان يتعامل معهم المسلمون باضطهاد، وأنهم كانوا مواطنين من الدرجة الثانية، يمنع عليهم الاحتفال بأعيادهم أو ممارسة شعائرهم في العلن، أو تشييد معابدهم، إضافة إلى وضعهم علامات كحبل مربوط ليتم تمييزهم عن المسلمين، كما شدد بصريح العبارة على أن المسلمين وجب عليهم كره غير المسلمين، ولا يجوز أن يحبوهم.
ولم يتوقف الشيخ بالتذكير بأهل الذمة، وذكر أيضا عبارات عنصرية ومحرضة، يقول فيها إن على المحتفلين بهذه الأعياد إخفاء احتفالهم وعدم إظهاره في بلاد المسلمين، كما انتقد أصحاب المقاهي والمطاعم وبائعي الحلويات الذين يزينون واجهات محلاتهم بمناسبة أعياد الميلاد، واعتبرها “إذلالا للمسلمين في بلادهم وضغطا من جهات خارجية”.
ولأن مثل هذه المحاضرات تحتاج لخطاب عاطفي، قام الفرعني بتحريف تاريخ سانتا كلوز أو ما يسمى بـ”بابا نويل”، وقال مدعيا إن “الكنيسة حرمت هذا العيد لأنه وثني، وأن سانتا كلوز كان وثنيا يقتل الموحدين الذي يؤمنون بالله”.
ويبدو أن الشيخ لا يجيد البحث في محرك “غوغل” ليعرف أن سانتا كلوز هو العم سان نيكولا الذي كان راهبا في القرن الخامس، واشتهر بمساعدة الأطفال والفقراء وتقديم الهدايا، وأن القصة التي أتى بها “الشيخ” مجرد “تخربيق” مفترى ليؤكد طرحه الملغوم، وأن ما حرمته الكنيسة المتعصبة في تلك العصور كان قبل سانتا كلوز ولا علاقة له بعيد رأس السنة، والغريب أن يستدل “شيخ” ينعت المسيحيين بـ”الكفار” بأحكام الكنيسة في تلك العصور.