• صحافي جزائري: تصريحات تبون سوقية تؤكد أنه لا يمتلك ثقافة رجل الدولة!
  • مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
عاجل
الجمعة 24 مايو 2013 على الساعة 14:58

«حكومة جلالة الملك»

«حكومة جلالة الملك» يونس دافقير [email protected]

يونس دافقير
[email protected]
يحدث للسياسيين أن يفقدوا تركيزهم في لحظات التوتر السياسي، وبحثا عن التطمين أو الطمأنة، أو حتى الرد الحاسم على خصومهم، يلجؤون إلى إنتاج مواقف تخدم ظرفية انشغالهم، لكنها تكون خارج السياق، بل وتسقط في أخطاء تبعث الالتباس في مسار السياق العام الذي لا تشكل فيه الظرفية إلا جزئية يحولها خطأ التصريحات إلى أولوية رئيسية.
ما قاله رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران يندرج في إطار هذه الرؤية، ففي خضم مواجهته مع حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال الذي ما زال يلوح بانسحاب حزبه من الحكومة في انتظار التحكيم الملكي، أخبر ابن كيران وزراءه في المجلس الحكومي أن «الحكومة تحظى بثقة» جلالة الملك، وكما قال مصطفى الخلفي وزير الاتصال في أعقاب اجتماع الحكومة فإن رئيس الحكومة أكد خلال هذا الاجتماع «لأعضائها الثقة التي تحظى بها من طرف جلالة الملك».
ويبدو لجوء ابن كيران إلى الإحالة على الثقة الملكية مفهوما في سياق إحالة شباط بدوره على التحكيم الملكي، لكن شيئا ما يلفت الانتباه في هذه الوقائع، فبينما يبدو تصريح شباط ذا مرجعية دستورية تستند إلى الفصل 42 من الدستور، لا يبدو موقف ابن كيران كذلك حتى ولو حاول الاستناد إلى مقتضيات الفصول التي تحدد سلطات تعيين أعضاء الحكومة وإقالتهم.
لماذا؟
من الناحية العملية، يظهر أن تصريح ابن كيران لا مبرر له، لأن النقاش الدائر في الساحة السياسية هو حول حزب يريد الانسحاب من الحكومة في حال عدم الاستجابة لطلباته، وليس حول نقاش يدور بشأن إمكانية إقالة الملك للحكومة، وهي السلطة المقيدة بمقتضى الدستور، لأن الملك يقيل وزراء ولا يقيل الحكومة كاملة.
الأكثر من ذلك، أن تصريح رئيس الحكومة لم يجانب فقط سياق النقاش السياسي الدائر في المغرب، بل جانب مقتضيات الوثيقة الدستورية، حتى إن رئيس الحكومة، يعيد الزمن الدستوري المغربي إلى زمن «حكومة جلالة الملك» بعدما ساد الاعتقاد أن الانتقال قد تحقق نحو «حكومة البرلمان».
فرغم أن الملك يعين أعضاء الحكومة، إلا أنه يسمي (nomination) رئيس الحكومة ولا يعينه مادام أن الدستور ينص على أن رئيس الحكومة يعين من الحزب الفائز في الانتخابات، وعلى خلاف الدستور السابق، لم تعد الحكومة مسؤولة أمام الملك والبرلمان، بل أمام البرلمان فقط، وذلك ما يعززه أن الدستور، وكما تمت الإشارة إليه من قبل، لا يعطي الملك صلاحية إقالة الحكومة كاملة، ما دام أنه لا يقيل رئيس الحكومة.

ليس ذلك فقط، فثمة الكثير مما يبين أن المغرب وفق دستوره الجديد، قد انتقل من «حكومة جلالة الملك» إلى «حكومة البرلمان»، في المتن والممارسة الدستوريين، نجد أن الحكومة حين تصادق على برنامجها الحكومي الذي يغطي الولاية التشريعية، تتوجه به رأسا إلى البرلمان ، ولا تتم مناقشته في المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك، والأكثر من ذلك، لاتكون الحكومة منصبة وفق المقتضيات الدستورية الجديدة إلا بعد حصولها على ثقة البرلمان،وليس بمجرد تعيينها من طرف الملك كما كان يحدث في ظل المقتضيات الدستورية السابقة.
في الواقع، ما صرح به رئيس الحكومة لا يخرجه فقط عن النص الدستوري، بل إنه يستبق أيضا التحكيم الملكي المسنود بمقتضيات الفصل 42 من الدستور، والذي تنتظره الطبقة السياسية كي تتوضح رؤية المستقبل الحكومي، إن ابن كيران ينسب للملك موقفا يجعله في لحظة الصراع التي لم يحسم فيها التحكيم بعد، ينزاح لطرف على حساب طرف آخر، وهذا ما لا تحتمله المقتضيات الدستورية المنظمة لوظيفة التحكيم وضمان السير العادي للمؤسسات الدستورية.
وبعيدا عن نصوص الدستور، فإن الأصعب في تصريح عبد الإله ابن كيران أمام أعضاء الحكومة، وقبله التأويلات التي أعطيت للجوء حزب الاستقلال إلى طلب التدخل الملكي، هو تلك العودة إلى مركزة الدستور في الملك، واختزال الحكومة في الثقة الملكية، وهو ما يعطي الانطباع بأننا إزاء فاعلين سياسيين، يشتغلون في إطار دستور 2011 بثقافة سياسية تنهل من دستور 1996، وتلك مفارقة تخدم المصالح الظرفية للسياسيين، لكنها تحيط بهالة من الالتباسات منهج التأويل الديمقراطي للدستور.