• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الجمعة 24 يناير 2014 على الساعة 12:21

ثورة صغيرة

ثورة صغيرة يونس دافقير [email protected]
يونس دافقير dafkirt@yahoo.fr
يونس دافقير
[email protected]يونس

هي صورة موغلة في الانحطاط، يمكن للمرء أن يغتصب امرأة، وبدل أن يذهب إلي السجن، يعتلي «العمارية» ويحتفل بجريمته تحت أنغام الموسيقى الشعبية. هكذا تواطأ المغاربة على تسمية الاستعباد الجنسي بـ«الزواج»، ويوم انتحرت أمينة الفيلالي، اكتشفنا أن في «قوانينا» ما يحط من كرامة نسائنا ويرسم حولنا صورة شديدة الهمجية، وكم هي ساخرة ومأساوية تلك الحالة التي يتحول فيها القانون من وظيفة زجر الانحرافات إلى أداة للتشجيع عليها وهو يشرعن الإفلات من العقاب.

بعد مدونة الأحوال الشخصية القديمة، يظل القانون الجنائي أكثر أشكال العنف القانوني الممارس على النساء في المغرب، ولذلك يمكن أن نقدر حجم الارتياح الذي ساد الرأي العام الحقوقي والحركة النسائية، بعدما صادق مجلس النواب بالإجماع على إلغاء الفصل 475 من القانون الجنائي الذي يعفي مرتكب جريمة الاغتصاب من السجن في حال زواجه من ضحيته.

وسيكون من الوهم الاعتقاد بأن إجراءا قانونيا كهذا سيحد من هذا الهوس المغربي المتزايد بالاغتصاب الذي صار يطال حتى الأبناء والأطفال، لكنه على الأقل ثورة صغيرة على نفاق اجتماعي ينتصر للصمت والإهانة خوفا من الفضيحة والعار، وهو أيضا فعل رمزي يتوافق فيه المغاربة على نبذ العقلية الاجتماعية والدينية المحافظة التي تتشدد في كل شيء، ولا تدمن التساهل إلا حين يتعلق الأمر بالجسد الأنثوي.

ولا بد لهذه المسيرة، التي انطلقت خطواتها الأولى من قبر أمينة الفيلالي، أن تذهب إلى مداها الأقصى، فتزويج القاصرات عنف آخر لا يقل فظاعة عن إفلات المغتصب من العقاب، إنه خداع اللغة مرة أخرى ذاك الذي يسمي اختطاف طفلة من عوالم اللعب والدراسة واقتيادها إلى فراش رجل راشد «زواجا»، إنه بكل الوضوح الممكن اغتصاب آخر، سوى أنه يتم باسم التقاليد والشرع والقانون ..

ولسبب لا أفهمه، لا زال المشرع يتساهل مع مرتكبي جرائم الاغتصاب، والعقوبات التي تصدر عن القضاة في هذا النوع من القضايا تبدو وكأنها تتعاطف مع المغتصب أكثر مما تقتص لضحيته،إنه المجتمع مرة أخرى حين يجعل نساءنا وأطفالنا مجرد أدوات للهو الجنسي، وحين يتم خرق قواعد لعب النفاق الاجتماعي، يتدخل القانون للتأنيب بعقوبات مخففة، وليس للردع الذي يعطي الجريمة حجم فظاعتها.

المقرف هو أن تكون كل هذه الفضائح ماثلة أمامنا، لكننا نتعلم التعايش معها وإيجاد مخارج تبرر نفاقنا الجماعي، لكن المأساة هي في مواصلتنا لعبة التعايش، في انتظار سقوط ضحايا جدد ننخرط لأجلهم في بكاء طقوسي جماعي، سرعان ما ننساه في انتظار اغتصاب آخر لقيمنا الإنسانية.