• صحافي جزائري: تصريحات تبون سوقية تؤكد أنه لا يمتلك ثقافة رجل الدولة!
  • مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
عاجل
الخميس 02 مايو 2013 على الساعة 15:21

توبتي النصوح

توبتي النصوح لمختار لغزيوي [email protected]

لمختار لغزيوي [email protected]
أيقظني حكم محكمة وجدة، يوم الثلاثاء الماضي (30 أبريل)، من سباتي، واستطاعت تبرئة المحكمة إياها للشيخ النحرير والعلامة الكبير عبد الله النهاري أن تنبهني _وإن متأخرا_ إلى الخطأ الجسيم والضلال العميم الذي كنت أسبح فيه، فقررت بعد الاستخارة والاستشارة، وبعد الكثير من الحديث مع أهل الذكر باعتبارنا ممن لا يعلمون أن أعلن على رؤوس الأشهاد توبتي، وأن أتبنى بشجاعة الغلط الذي وقعت فيه بأن دافعت الصائفة الفائتة عن الحرية عند الجميع.
المأثور من القول علمنا أننا جميعا خطاؤون، لكنه نبهنا مستدركا إلى أن خير الخطائين التوابون. وقد قررت بعد حكم المحكمة إياها أن أكون ضمن هؤلاء الخيرين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، خصوصا وقد أوضحت المحكمة الموقرة _التي لا نعلق على حكمها إطلاقا_ أن نهاري من خلال جذبته الشهيرة لم يفت بقتل، ولا حرض عليه، وإنما ردد جملة “اقتلوا من لاغيرة له” على سبيل الاستشهاد فقط لا غير، ولم ترد كلمة “الديوث” على فمه إلا وهو يتحدث عن حكم من الدين معلوم، ليس هو من يقوله، بل ديننا الحنيف. وطبعا لست أنا من سيناقش ما جاء في ديننا الحنيف، خصوصا إذا كان هذا الذي جاء في ديننا الحنيف قد أتاني بعد ذلك على لسان جهبذ علامة، وشيخ فهامة مثل النهاري الفضيل.
اليوم أعلنها بعد الحكم: ما قلته عن الحرية واحترام الحرية في قناة “الميادين” فرية كبرى، وأمر جلل لم يكن لي أن أصل إليه أو أقترب منه. وقد كان حريا بي مثلما أوصاني بذلك العديدون _شكر الله لهم سعيهم_ أن أتجنب الإجابة أصلا عن هذا السؤال في اللقاء التلفزيوني الشهير، بل ربما كان من الأفضل لي ألا أذهب إطلاقا إلى مقر تلك القناة، بل أعتقد أنه كان من المستحب ألا أجيب على الهاتف الأول الذي أتاني من بيروت، وإذا واصلنا على هذا المنوال، سنصل بالتأكيد إلى أنه كان من المحبب في الأصل من الأشياء ألا أحترف الصحافة، وألا أصل إلى يوم تأتي عندي فيه قناة تلفزيونية لكي تسألني رأي في قضية شائكة مثل قضية الحريات الفردية.
وبعد التوبة وإعلانها، لابد من المباركة للشيخ براءته من المنسوب إليه. الرجل لم يكفر ولم يصرح بقتل، ولم يحرض عليه. بل وبعد التدقيق في الفيديو الذي توبع من أجله أكاد أشك أنه ليس الرجل الذي وجهت إليه أصابع الاتهام، إذ اكتشفت بعض الفوارق في اللحية وتشذيبها وقليل الاختلاف في النظارات وحركة الفم والأذن ما يعني أن الشريط إما مزور ملفق نسب لنهارينا ما لم يقله أبدا، أو أن الأمر يتعلق بشبيه له أو “سوزي” تكاد العين تعتقد أنه هو، وهذه واحدة من مساوئ وجود أربعين شبها لنا مثلما علمتنا الحكمة منذ القديم.
وماذا بعد؟
لابد من التنويه بما رافق القضية كلها من حوار حضاري مؤدب ومهذب، خصوصا من أناس حرصوا يوميا في الأنترنيت على التنويه بي وبتربيتي وبأصل جدودي وجدود جدودي، وحرصوا كل مرة _مثل أي مسلمين أصلاء_ على ألا ينطقوا بكلمة سفيهة واحدة في حقي، ولا على أن ينعتوني بأسوء النعوت مما لا يستطيع مقرقبو الشارع العام أن يصلوا إليه يوما.
ومع التنويه بالجو العام الحضاري المتحضر الذي رافق النقاش كله، لابد من الإحالة على تنويه آخر أكثر تحضرا منه يرافق اليوم قضية جديدة هي قضية أحمد عصيد، الذي ذهب للبحث في كتب التاريخ _سامحه الله_ عن أصل رسالة تاريخية وعن معناها اليوم، فانبرى له حماة الدين الإسلامي من أشاوس مجاهدينا الذين لم يتركوا أيضا كلمة إلا واستعملوها في جهادهم ضده.
وأنا أدعوه من أعلى هذا المنبر الذي لا يشبه المنابر التي سبه الآخرون من فوقها، أن يحذو حذوي وأن يتوب إلى ربه، وأن يسمع كلام الشيوخ أبي الفضل وأبي حسن وأبي الحسين وأبي عبد الله وإبن أبي عبيد الله، ممن تختلف أوصافهم وكنياتهم بين الكتاني والفيزازي والنهاري والزمزمي، وغيرهم حفظهم الله لنا ذخرا وملاذا وجعلهم آخر صبرنا على المآل الذي نحن فيه اليوم.
أدعوه أيضا للتوقف عن المحاضرات والمناظرات، والالتحاق بركب المريدين في حلقات الشوخ المذكورين عسى أن يمن الله علينا وعليه ببعض التوبة النصوح، وبقليل من علمهم الغزير. إنه على الاستجابة قدير، وبالدعاء جدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأقم الصلاة يرحمك الله، صلاة الجنازة طبعا على هاته الأمة من الموتى، والسلام.