• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الإثنين 14 أكتوبر 2013 على الساعة 16:18

بنكيران يخاطبكم (الجزء الثاني)

بنكيران يخاطبكم (الجزء الثاني) لمختار لغزيوي [email protected]
لمختار لغزيوي larhzioui@gmail.com
لمختار لغزيوي [email protected]

أعجبتني فكرة أن يسجل بنكيران برنامجا تلفزيونيا مع صحافيين وأن يبثه عبر القناتين الأولى والثانية مرة أخرى. في المرة الأولى كان السبب هو الزيادة في المحروقات. هذه المرة السبب هو الحكومة في نسختها الثانية. في الحالتين معا هذا التصور للتلفزيون لا يوجد إلا في المغرب فقط.

يختار رئيس الحكومة اللحظة المناسبة والمكان المناسب ويقول لصحافيين “هيا بنا” وينطلق التسجيل، ثم يبث ما تم تسجيله في القناتين معا، و”نبينا عليه السلام”. الطرفاء أبناء الطرفاء ممن يطلق عليهم وصف الشعب المغربي سيقولون “هل مر هذا البرنامج من دفاتر التحملات؟ وهل خضع لمسطرة طلبات العروض؟”. سيجيبهم الوزير الوصي على القطاع “لا، هذا برنامج داخلي، وفي دفاتر التحملات من الممكن للقنوات العمومية أن تنتج داخليا ما تشاء من برامج تتماشى مع خطها التحريري”.

هنا يطرح السؤال الطريف الآخر “ماهو الخط التحريري لهاته القنوات؟” مع السؤال التابع الأكثر طرافة “ماهو الخط التحريري أصلا؟”. لن يجيب أحد. نحن في بلد نفقد فيه يوما بعد الآخ القدرة على تعريف البديهيات، ونتحول إلى كائنات تردد الكلمات دون أن تعرف معناها، ودون أن تهتم أصلا بمعرفة هذا المعنى.

لماذا نقول هذا الكلام؟ لأنهم في دوزيم لا يحبون كثيرا بنكيران، ولا أحد يعتقد أنه يتماشى مع خطهم التحريري، وفي الأولى يتفادون الحديث عنه كثيرا ويفضلون فعل “الصواب” معه والسلام، لذلك سيكون الاقتناع بأن البرنامج يندرج في إطار حاجة داخلية للتلفزيونات لبتها من خلال هذا الحوار أمرا صعبا بعض الشيء.

عوضه يمكن أن نقول إن التلفزيون في المغرب لم يصبح تلفزيونا بعد. هو أداة، وسيلة، وعاء، وطريقة لإيصال بعض الأمور إلى بعض الناس. كيف تصل هاته الأمور؟ وهل تصل أصلا؟

لحد الآن يرفض الإخوة المتحكمون في الجهاز الاقتناع بأن الأمر ضروري الطرح اليوم قبل الغد، ويرفضون تماما الاقتناع الآخر بأن عدد من تصلهم الرسائل أصبح يتناقص بشكل ملحوظ وهو أمر له ضرر حقيقي على مضمون هاته الرسائل. لذلك وحين يأتي بنكيران يوم الأحد في الساعة العاشرة إلا الربع إلى التلفزيون وفي لقاء مسجل لكي يتحدث عن تشكيلته الحكومية الثانية، يتحسس كل من قرأ قليلا عن التلفزيون رأسه ويقول “شكون كيفكر للمسؤولين فهاد البلاد؟”

من الأكيد أن للعدالة والتنمية جناحا إعلاميا خاصا بها يعرف معنى الخرجة التلفزيونية، ومعنى توقيتها, ومن الأكيد أن الأمور لا تلقى على عواهنها هكذا (أو هذا على الأقل ما يتمناه المرء لئلا يفقد إيمانه بالبلد ككل)، لذلك لا بد من طرح السؤال، ولابد من بعض الاستفسار المزعج عن جدوى وأهمية وقدرة مثل هاته المواعد المعدة بهاته الطريقة على الوفاء بالغرض.

في الدول الأخرى التي تتوفر على تلفزيونات حقيقية, ولنول الوجهة صوب فرنسا القريبة منا من عديد الجهات مثلا، يأتي رئيس الوزراء إلى قناة ما وليس إلى قناتين، ويختار المباشر لكي يخاطب عبره الفرنسيين، ويختار البرنامج السياسي الأقدر على إيصال رسالته، ولا يخترع لنفسه برنامجا خاصا. هذا الأمر يوجد في الكونغو الشقيقة وفي مالاوي قبل الفتح، وفي سييراليون قبل أن تغير إسمها. لا يمكن إطلاقا، لأن برمجة التلفزيونات تتوفر على شبكة معينة لا تتغير إلا في الشديد القوي، وحين التغيير يتم اللجوء إلى البرنامج الخاص، لكن ليس من أجل عيون رئيس الوزراء ولكن من أجل تلبية نداء المعرفة والاطلاع لدى الناس.

بعبارة أخرى كان من الممكن أن يستجيب السي عبد الإله لدعوة واحدة من القنوات التلفزيونية لو استدعته لبرنامج من برامجها السياسية يكون ضيفه الوحيد، وكان ممكنا أيضا _لو توفرت لنا الإمكانية_ أن نراه مباشرة كل يوم تقريبا في النشرات وفي الندوات الصحفية وفي الملتقيات الإعلامية وخلال لحظات تحركه مثلما يقع في دول المعمور المتقدمة تلفزيونيا وهو يقول لنا يوميا كيف يسير البلد، لأن هذا الأمر هو الذي يهمنا.

لكن السيد الرئيس اختار مرة أخرى الخرجة الملائمة له حسب تصوره هو للإعلام البصري، وأعاد كرة اللقاء السابق مع التلفزيونين، واختار التسجيل كأداة لمعرفة ما سيقوله وكيف سيقوله ومتى سيقوله وكيف سيكون تأثير قوله على الجموع.

نقول اختار ولا نقول اختارت له جهة ما لأننا كنا دائما ضد هذه النسبة للمجهول التي تجعلنا بلدا تلعب في بحيرته التماسيح وتسبح في فضاءاته العفاريت، وكانت أمنيتنا أن تبدأ معنا حكومتنا الثانية بداية أخرى مغايرة لبداية “لي بانان” الشهيرة يوم أتى عبد الإله إلى التلفزيون لكي يؤكد لنا أن ثمن الموز لن يمس وأن قشوره بالمقابل غير مضمونة التحرك والمسار.

في كل الحالات نحن نتعلم التلفزيون، ونتعلم السياسة, ونتعلم الديمقراطية، ونتعلم المباشر مثلما نتعلم التسجيل.

لا بأس مثلما يقول الآخر، فالأساسي هي “الصحة والعافية”. انتهى التسجيل؟ “لا، مازال؟” شكرا على التوضيح وشكرا أيضا على الانتباه. إلى لقاء…