أمين السالمي (الرباط)
أثار الشريط، الذي عرضتهُ القناة الفرنسية الثالثة، مساء يوم أمس الخميس (26 ماي)، عن حياة وثروة الملك محمد السادس، والمعنون بـ”محمد السادس: الحكم السري”، منذ أسابيع، جدلا واسعاً على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي، فبعد انتظار طويل، اعتبره عدد من رواد فايس بوك، من سياسيين وإعلاميين ومثقفين، مجرد فرقعة إعلامية فارغة، لم يأت بمعلومات جديدة غير تلك التي سبق وتداولتها الصحافة المغربية، متسائلين عن الرسائل السياسية التي يسعى الإعلام الفرنسي لتبليغها إلى المغرب. وتحول الوثائقي، الذي دافع عنه البعض، إلى مادة للسخرية عند الكثيرين، خصوصا مع تقديم بعض المشاركين فيه بصفة “منفي”، كما كان الحال مع الصحافي السباق أحمد رضى بنشمسي، وكذا الصحافية الفرنسية التي حاولت ابتزاز الملك.
وفي تعليقات السياسيين، نزهة الوافي، عضو فريق العدالة والتنمية في مجلس النواب، اعتبرت، في تدوينة نشرتها على حسابها على الفايس بوك، أن “تقديم الشريط بكل تلك الإثارة والدسائس ليناقش ثروة ملك يطرح أكثر من سؤال حول دوافعه ومصداقية الشريط في حد ذاته، في حين تغيب الحرية ليشتغل وبالطريقة نفسها لفضح سيناريوهات وتفاصيل حمام الدم المسال بسوريا وفلسطين والحقيقة الغائبة على الإعلام الفرنسي”.
وتساءلت نزهة الوافي: “ما الذي يخرس أصواتهم لتصوير الحقيقة وتقديمها للمواطن الفرنسي وللعالم حين يتعلق الأمر بملايين النساء والأطفال والشيوخ المهجرين قسرا من بيوتهم، هل لأن الإعلام (الحر) الفرنسي حارس لمعبد الصهيونية الجاثمة على أنفاس الحرية والاستقلال ومناهضة الاستبداد ويناظر سايس بيكو جديد لا يهم عدد قتلاه ومهجريه”.
وأضافت: “إذا كانت رسالة الشريط سياسية ففرنسا كشريك تقليدي قد تثيره وتستفزه نجاحات ملك المغرب في تنويع شركائه الاقتصاديين في وضع دولي دقيق وتريد فرنسا أن ترسل رسائل لبلد لازال يعتقد أنه تلميذه يجب أن يعي أن الشراكة التقليدية والاستراتيجية بين المغرب وفرنسا رهان للمغرب ولا يمكن أن يفرط فيها كما قال الملك في خطاب الخليج، من مصلحتنا المشتركة أن ننتبه أن مغرب الأمس ليس هو مغرب اليوم ومساحة تنويع شراكائنا نحن من ندبرها بمقتضى المصالح الرهانات الاستراتيجية”.
من جهته، أكد عادل بنحمزة، الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال وعضو الفريق النيابي للحزب، أن “الشريط، والذي سبقته حملة دعائية واسعة، تبين في النهاية أنه يعكس بجلاء بطء التحول الذي تعرفه رؤية فرنسا لبلادنا، حيث لازالت النظرة الغرائبية نفسها والمشحونة بكثير من الإثارة، لما يجري عندنا، وكأنهم هناك في باريس يضعون نظارات قادرة على توقيف الزمن”.
وشدد بنحمزة، في تدوينة نشرها على موقع التواصل الاجتماعي فايس بوك، على أن “الشريط افتقد كثيرا من شروط التحقيق ولم يقدم معلومات جديدة غير تلك المتداولة في عدد من الكتب والمجلات والمواقع الاجتماعية، وافتقدت إلى التوازن المطلوب في هكذا عمل صحفي، والذي يمكن اعتباره فرقعة إعلامية فارغة”.
وأورد عادل بنحمزة أيضا: “لكن مع ذلك يبقى شريط فرانس 3 نموذجا لما يمكن أن يشكله الابتزاز الفرنسي من ضغط على المغرب، إذا ما ظلت الرباط تحتمي بباريس في عدد من القضايا وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية، صحيح أنه ليس من الحكمة إسقاط شريط فرانس 3 وتوقيت بثه، على فرنسا الرسمية، ولكن مع ذلك يجب أن نكون على وعي بأن حدود التداخل بين الإعلامي والسياسي تبقى دقيقة جدا، وأن هناك احتمال كبير لتوزيع الأدوار على مستويات عليا”.
وأشار الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال، إلى أن “المغرب في علاقة متوترة مع الولايات المتحدة الأمريكية وفي علاقة قد تتجه نحو التوتر في الشهرين القادمين مع مجلس الأمن كما أن بلادنا تنتظر بكثير من القلق الحكم الإستئنافي للمحكمة الأوربية بخصوص الإتفاقية الفلاحية والصيد البحري”، وهذا الأمر يستدعي وفق ما أورده عادل بنحمزة، “التركيز على الجبهة الداخلية أولا، وهذا التركيز لا يجب اختصاره في منطق الإجماع، بل في تعزيز الممارسة الديمقراطية في مختلف وجوهها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.. حتى نقطع الطريق على كل من يحاول أن يعبث باستقرار بلادنا”.
