استطاعت الدبلوماسية المغربية، مباشرة بعد “الأزمة التونسية” أن تحقق مكاسب كبيرة من التحركات والاتصالات التي تقوم بها قبل انعقاد القمة العربية في الجزائر، ووضع حد للتحركات المعاكسة للوحدة الترابية المغربية.
دبلوماسية القنصليات
واستمرت المملكة، في النهج الذي بدأته عام 2019، المتمثل في تشجيع الدول المتحالفة معها على فتح تمثيليات دبلوماسية في مدن الصحراء.
وافتتحت جمهورية الرأس الأخضر، يوم الأربعاء 31 غشت الماضي، قنصلية عامة لها في الداخلة.
وترأس حفل افتتاح القنصلية العامة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ونظيره من الرأس الأخضر، روي ألبيرتو دي فيغيريدو سواريس.
كما أعلنت جمهورية تشاد، يوم الأربعاء الماضي (7 شتنبر)، قرارها بفتح قنصلية عامة لها بالداخلة قريبا.
وارتفع عدد القنصليات التي تم افتتاحها في الأقاليم الجنوبية للمملكة إلى 27 قنصلية تتوزع ما بين مدينتي الداخلة (15 قنصلية) والعيون (12)، بعدما تبنت الدبلوماسية المغربية خطة فتح القنصليات باعتبارها دليلا عمليا ودوليا على مغربية الصحراء.
شروط القمة
وتكللت المجهودات الدبلوماسية المغربية بالنجاح بعد تأكيد مشاركة الرباط في “القمة العربية” المزمع عقدها بالجزائر، عقب اشتراط أغلب بلدان المنطقة الإقليمية حضور المغرب في هذه المحطة المهمة.
وأكد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن القمة العربية المقبلة يجب أن تنعقد على أساس الالتزام بالمسؤولية، بعيدا عن أية حسابات ضيقة أو منطق متجاوز.
وقال بوريطة، في كلمة أمام مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته العادية الـ158، إن “المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، حرص على الانخراط في صلب العمل العربي المشترك، سواء من داخل الأجهزة الرئيسية لجامعة الدول العربية أو من خلال الهيئات المتفرعة عنها”.
الامارات و35 دولة
وجددت دولة الإمارات العربية المتحدة دعمها اللامشروط لسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية، ولجهود الرباط في تسوية الخلاف حول الصحراء المغربية.
وآخر هذه الرسائل، كلمة المبعوث الخاص لدولة الإمارات بمجلس حقوق الإنسان في الدورة الـ51، التابع للأمم المتحدة في جنيف، نيابة عن 35 دولة، التي أكد فيها دعم بلاده لسيادة المغرب على صحرائه، كما رحب بافتتاح القنصليات في مدينتي العيون والداخلة، معتبرا أنها رافعة لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري لفائدة السكان المحليين.
ونابت الكلمة الإماراتية عن دول البحرين والمملكة العربية السعودية وبوركينا فاسو وبوروندي وأفريقيا الوسطي وجزر القمر وكوت ديفوار والكونغو الديمقراطية، وجيبوتي ودومينكا ومملكة إستواتيني والغابون وغواتيمالا وغينيا وغينيا الاستوائية، وغامبيا وغينيا بيساو وهايتي والأردن وليبيريا والكويت وسلطنة عمان وقطر، والسنغال وسانت كيتس ونيفيس وسانت لوسيا وساو تومي وبرينسيبي، وسيراليون وجمهورية الدومينيكان وزامبيا والمالديف واليمن.
ويشكل فتح قنصليات عامة في كل من العيون والداخلة جنوبا اعترافا واضحا وصريحا بمغربية الصحراء، وتعبيرا عن ثقة تلك الدول في الأمن والاستقرار والرخاء الذي تنعم به الأقاليم الجنوبية.
وأضاف المبعوث الخاص أن “مجموعة دعم الوحدة الترابية للمغرب” ترحب بتعيين ستيفان دي ميستورا مبعوثا جديدا للأمين العام للأمم المتحدة، مشيرا إلى أن نزاع الصحراء سياسي يعالج من قبل مجلس الأمن الذي يعترف بأولوية مبادرة الحكم الذاتي التي يقدمها المغرب.
الموقف الكيني
وعقب الرسالة التي وجهها جلالة الملك محمد السادس إلى الرئيس الجديد لجمهورية كينيا، وليام روتو، قررت الجمهورية الكينية العدول عن اعترافها بالجمهورية المزعومة، والشروع في خطوات إغلاق تمثيليتها في نيروبي.
وقال الرئيس الكيني الجديد، أمس الأربعاء (14 شتنبر)، من خلال تغريدة على حسابه في موقع تويتر، إن “كينيا تلغي اعترافها” بالجمهورية الوهمية وتتّخذ الإجراءات اللازمة للحد من وجود هذا الكيان على أراضيها، وذلك إثر استقباله وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، الذي سلمه تهنئة من جلالة الملك.
وشكلت تغريدة روتو انتكاسة لخصوم الوحدة الترابية، وما زاد من الوقع المفاجئ لقرار إلغاء الاعتراف بالجمهورية الوهمي أنه أتى بعد أقل من 24 ساعة على تنصيب روتو في حفل أقيم في نيروبي، وحضره زعيم الجبهة الانفصالية، إبراهيم غالي.
النظارة التي ننظر بها إلى العالم
وكان جلالة الملك محمد السادس أكد في خطابه، في 20 غشت الماضي، بمناسبة ذكرى “ثورة الملك والشعب”، أن ملف الصحراء هو “النظارة” التي تنظر بها بلاده إلى العالم، وأن الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء هو ما يحدد علاقاته مع باقي دول العالم.
وطلب جلالة الملك من الدول “شركاء المغرب التقليديين والجدد، والتي تتبنى مواقف غير واضحة بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”، مشددا على أن ملف الصحراء “هو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات”.