وكالات
في وجه الطفلة الغزية نور الزبدة براءة تعلوها ابتسامة، حين تتمعن ملامحها ما تلبث أن تختفي البسمة وراء وزنها الزائد الذي بلغ حتى اللحظة 138 كيلوغراما، بينما لم تبلغ من العمر إلا 11 عامًا.
وتعاني نور من صعوبة شديدة في المشي إثر إصابتها بمرض جيني وراثي يُسمى متلازمة برادرويلي نال من طفولتها وأقعدها على كرسي متحرك.
ويحدث المرض نتيجة اضطرابات جينية نادرة إذ يقدر حدوثه بنسبة حالة لكل 12000-15000 مولود، وتكون فيها أغلب الحالات غير وراثية، ولكنها تحدث كطفرة جينية لأسباب غير معروفة.
واكتشفت العائلة مرض ابنتها نور عندما بلغت سنتين و3 أشهر، حيث كانت رضاعتها خفيفة جدًا ووزنها قليل، ثم أصبح يزداد بشكل سريع في السنوات اللاحقة.
[youtube_sc url=”-AA36vzo2NA” width=”500″ height=”340″]
وتقول إكرام، والدة الطفلة، إنّها كانت تذهب للمستشفيات لمعالجة طفلتها من النحافة الزائدة، ثم أصبحت تعالجها من السمنة الزائدة التي لم تأت جراء أكل مُفرط وإنما بفعل خلل في الجينات.
وتوضح لـ”صفا” أنّها سافرت بالطفلة المريضة إلى مستشفى “تل هشومير” الإسرائيلي قبل الحرب على غزة أواخر 2008، “وشخصوا الأطباء مرضها بمشكلة في الجينات الوراثية ولم يهتموا بمتابعة الحالة أو إيجاد علاج لها”.
وتوجهت الوالدة بطفلتها إلى مصر حينما كانت في التاسعة لإيجاد علاج لسمنتها المفرطة، ليتبين لها قبل السفر بيومين أنها تعاني مرضي السكر والضغط، “وأصبح الأطباء المصريون ينظمون السكر والضغط لها بدلاً من المرض الأساسي”.
وأخبر الأطباء العائلة بعد 3 أسابيع من الفحوصات أنّها تعاني مشكلة في الجينات الوراثية دون إيجاد أي علاج لها، فيما أصبحت تتناول الأنسولين الصافي وتتناول عقاقير للضغط.
الأطباء أخبروا الوالدة أيضًا أنّه لا يوجد أي قدرة لدى أي من البلدان العربية على علاج مثل هذه الحالات، ولا تتم إلا في الدول الأوروبية المتقدمة.
وحسب الوالدة، زاد وزن الطفلة في أقل من سنة 20 كيلوغرامًا، حيث كان وزنها بعمر 3 سنوات 32 كيلوغرامًا.
وتُبيّن أنّ زيادة وزنها غير منتظم “فمن الممكن أن يزيد وزنها 7 كيلو خلال أسبوع، ويمر أسبوع آخر لا يزيد وزنها فيه، لكن الزيادة مستمرة ولا ينتقص كيلو واحد من وزنها مُطلقًا”.
الطفلة ترقد على كرسي متحرك إلا دقائق قليلة ثم يُصيبها التعب لترقد عليه مرة أخرى حيث أصبح ملازمًا لها منذ اكتشاف المرض.
وتنام الطفلة نور على أريكة ولا تستطيع النوم على السرير خشية الاختناق، وفي ظهرها تجويف بعمق 16 سم من جراء النوم غير الطبيعي طيلة السنوات الماضية، ويضاعف معاناتها عدم قدرتها على التحكم بعملية الإخراج.
وتقول الطفلة نور لـ”صفا”: “نفسي أصير نحيفة وحلوة زي كل البنات والأطفال اللي مثلي، بحس حالي متضايقة على طول وهي حالتي هيك خاصة من نظرات بعض الناس لي”.
وتتحدث نور بصعوبة بالغة بفعل مرضها الذي سبب لها تأخرًا في النمو، وفق الطبيب المختص الذي تابع حالتها.
وزادت حالة نور النفسية سوءًا لعدم قبول وزارة التربية والتعليم دخولها المدرسة سابقًا، حيث تدرس الآن في الصف الثالث الابتدائي في مدرسة الرافدين في منطقة الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، لكن عمرها الأساسي ضمن أعمار طلاب الفصل الخامس الابتدائي.
وعانى عبد الرحمن، والد الطفلة، كثيرًا بنقلها كل يوم للمدرسة على كرسيها المتحرك، فيما تذهب حاليًا عبر سيارة أجرة تقلها من المدرسة وإلى البيت.
وتلفت والدتها إلى أنّ لطفلتها مرحاضًا خاصًا في المدرسة أعدته العائلة لها، موضحة أن “أكثر ما يؤرقنا هو نقلها لأي مكان بسبب طبيعة مكان سكننا”.
وتقطن العائلة في أحد الأبراج السكنية شمال غزة في الطابق السادس، ويضيف انقطاع التيار الكهربائي وتوقف المصعد الكهربائي عن العمل معاناة يومية لها، كون الطفلة لا تستطيع الصعود أو النزول عن الدرج الطبيعي.
وتناشد العائلة التي يعمل رب الأسرة فيها مؤذنًا في أحد المساجد جميع المسؤولين في داخل القطاع وخارجه لإنهاء معاناة طفلتها.
ولا تستطيع العائلة، التي تتكبد ديونا تُقدر بـ10 آلاف دولار، علاج طفلتها على نفقتها في إحدى الدول المتقدمة طبيًا.
ويقول طبيب الأطفال إسماعيل أبو رفيع الذي يتابع حالة الطفلة نور إنّ المرض الذي تعانيه ناتج عن خلل جيني وراثي يصاحب الأطفال ويفتح شهيتهم وتزيد لديهم القابلية للسمنة ويصابون بتأخر النمو العقلي.
ويلفت في حديثه لـ”صفا” إلى أنّ المصاب بذلك المرض حتى وإن لم يأكل، يُصاب بالسمنة الزائدة والضغط المرتفع ومرض السكر، ويتم تنظيمهما عن طريق الأنسولين وحبوب الضغط.
ويوضح أنّه لا يوجد أي علاج لذلك المرض في الدول العربية إلا عن طريق عملية جراحية لتصغير المعدة وتخفيف الوزن، لكنّ تلك العملية تسبب مضاعفات لها كونها طفلة، حيث تؤثر العملية على القلب والرئتين.