• صحافي جزائري: تصريحات تبون سوقية تؤكد أنه لا يمتلك ثقافة رجل الدولة!
  • مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
عاجل
الثلاثاء 26 فبراير 2013 على الساعة 13:19

الأوسكار وأشياء أخرى

الأوسكار وأشياء أخرى لمختار لغزيوي [email protected]

لمختار لغزيوي [email protected]
يصعب أحيانا أن تقفل العين ليلا، رغم أنت تعرف أنك ملزم بالاستيقاظ في اليوم الموالي باكرا لكي تشتغل. في الغالب يكون السبب أمرا متميزا للغاية، مثل ذلك الذي عرفته ليلة الأحد الإثنين في لوس أنجليس الأمريكية. زبدة الزبدة من عالم السينما العالمية كانت هناك من أجل جوائز العام التي تحكم على البعض بالمجد، وعلى البعض الآخر بالشهرة, وعلى البعض الثالث بالفرجة مثلما هو حال بقية دول العالم التي ستتلقف الأفلام المتوجة، وستضعها في دور العرض بها, وستتداولها مقرصنة، وستشاهدها وتعيد مشاهدتها عشرات المرات إلى أن يحول الحول ويأتي أوان مشاهدة أفلام أخرى.
نتحدث طبعا عن الأوسكار، وبالنسبة لنا نحن الذين لازلنا لم نحسم بعد علاقتنا مع السينما الأمر له أبعاد مرتبطة بتعذيب النفس _أعترف بذلك_ لكن لاخيار. تجد نفسك مجبرا على المتابعة من اللقطة الأولى حتى آخر اللقطات. يبدو الأمر شبيها بعمل سينمائي لا بحفل لتوزيع الجوائز، سيناريو مكتوب، توزيع أدوار متقن، أداء فوق المبهر، تقنيات تصوير متطورة، وفي الختام تطورات لا تخطر على البال مثل إطلالة سيدة البيت الأبيض ميشال أوباما على جموع المشاهدين العالميين في ختام الأوسكار الخامس والثمانين من أجل أن تمنح جائزة أفضل فيلم لأرغو لبين أفليك.
من المستحيل وأنت تشاهد هاته المتعة أن لاتقفز لذهنك عبارات مثل “الفن النظيف”، “الإباحية في السينما”، “الصهيونية والموساد” وهي العبارات التي نسمعها في سينمانا المحلية باستمرار في النقاش المرتكب حولها. تماما مثلما هو غير ممكن وأنت تشاهد جميلات ووسيمي المشهد السينمائي العالمي، أن لا تقفز إلى واجهة عقلك أسماء ووجوه المقرئ الإدريسي وأفتاتي ونهاري وبقية المتحدثة السينمائيين الجدد الذين يعطون لأنفسهم بكل جهل الكون الحق في أن يتحدثوا عن ميدان يتيم مثل السينما في المغرب.
وطبعا تهاجمك في الليل البهيم، وأنت تشاهد متعة الأوسكار وجوه بعض نقاد الأجيال السحيقة ممن لا يستقيم وجود للفن السابع في البلد دونهم، ودون الفظاعات التي يخطونها والتي يسمونها نقدا سينمائيا راقيا لا علاقة له بخربشات الصحافيين مما نتلوه في المنشورات والصحف التي لا تقيم اعتبارا على كل حال لطبيعة ما تنشره ولا لإسم من يكتب فيها مما يمكن أن يساءل عنه المشرفون على قطاع الصحافة وهو قطاع لا علاقة لهه بموضوعنا اليوم.
تداهمك أيضا في ذلك الهزيع الأخير من الليل بعض اللقطات من بعض الأفلام المغربية, تستعيذ بالله وأنت تتذكر “نانسي والوحش”، أو “آلو خمسطاش” وتكاد تبكي وأنت تستعيد بعض لقطات من هنا ومن هناك، وتقول لنفسك إن أكاديمية الأوسكار محظوظة جدا لأن مثل هاته الأفلام لا تصلها، ولأنها لاتعرف أصلا أن هناك في المغرب إمكانية أن يهب رجل أو امرأة من الفراش صباحا وأن يدب على وجه الأرض والسينما في المساء، وأن يظهر في التلفزيون في اليوم الموالي وهو يقول بكل صفاقة الكون “ما كيعجبنيش تارانتينو، وماكنحملش سكورسيزي وماعنديش معا السينما ديال هانيكي”.
تكفكف دموعك، ثم تعود للحفل إياه. تجده سائرا على هدى من الله وبصيرة. ينشطه فنانون. يحضره فنانون. يشاهده فنانون. يلعب بطولته فنانون. تقف شعيرات جسدك كلها خشوعا واحتراما وباربارا سترايزاند تكرم من رحلوا سنة 2012 بصوتها الباذخ. تحملك كاترين زيتا جونز إلى الأعالي وهي تغني مقطعا من شيكاغو. يداعب فيك جاك نيكولسون كل المشاهدات الماضية وهو يعلن أنه لن يلقي أي خطاب كيفما كان نوعه، بل سينتقل بك وبالمشاهدين إلى البيت الأبيض وسيتركك مع زوجة أوباما لكي تتوج أفضل فيلم.
الحكاية تتكرر كل سنة، لكنها كل مرة تملك من السحر الشيء الكثير. تراها الموهبة باختصار؟ تراه الفن الحقيقي، لا النظيف أو غير النظيف؟ ذلك الذي يقوم به فنانون حقيقيون، لا الأدعياء الذين يعرفون أن لا حظ لهم من الموهبة لكن يواصلون الهجوم على ميادين لا علاقة لهم بها؟
تراها كل هاته الأشياء مجتمعة، ومعها بعض العلم، الدراسة، الشيء الذي يمنعك أن تتحدث عن مجال إن لم تكن قد عبرته بتلق فعلي، أو بممارسة لا مجال لنقاش حولها؟
تترى الأسئلة وتتوالى. تنتهي الليلة ويذهب أصحاب الاوسكار من مسرح ستوديو كوداك إلى المطعم الذي اعتادوا حضور حفل الأكايديمية فيه كل سنة، وتحاول أنت أن تنام قليلا من الدقائق ريثما يأتي أوان الاستيقاظ.
تلك السويعات اللعينة التي تسمى الفارق الوقتي، والتي تجعلك صباحك ليلا أمريكيا، تبدو لك فيصلا حقيقيا بين عالمين: تسأل نفسك إن لم يكن لفرق التوقيت هذا أثر في أن البلد مليء بالأدعياء وأن الناس في المكان الآخر يمتلئون موهبة وقدرة على منح الفرجة والحياة؟
تقرر أن هاته الأسئلة لا تصلح للطرح في وقت مثل هذا. تقفل عينيك قسرا وتحاول أن تنام، أو تمثل دور النائم، فالأمر أفضل في كل الأحوال.