• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الإثنين 23 سبتمبر 2013 على الساعة 14:58

أمين والكرة المفشوشة

أمين والكرة المفشوشة لمختار لغزيوي [email protected]
لمختار لغزيوي larhzioui@gmail.com
لمختار لغزيوي [email protected]

قال الرباطي إن عمليات بيع وشراء تورط فيها الفريق الأشهر والأكبر والأعرق في المغرب: الرجاء البيضاوي. لو تعلق الأمر ببلد آخر لتحركت الماكينة القضائية فورا ودون تردد ولاستمعت للرباطي، ثم استمعت لزملائه في الفريق ولمدربه ولرئيسه وللفرق المتهمة وللجميع. لكننا في المغرب.

وفي المغرب بالتحديد نترك دائما “للما منين يدوز”. نعتبر أن “العجلة من الشيطان” وأنه “بيتها مع الغضب وما تبيتهاش مع الندامة” وأن “اللسان ما فيه عظم”. لذلك غالبا ما نقرأ تصريحات كبيرة جدا في وسائل الإعلام تتعلق باتهامات خطيرة وبفضائح أخطر، ويتوقع الناس والمتتبعون أن يكون لهاته التصريحات مايليها، لكن لا شيء من كل هذا يحصل نلعب على الوقت، ونعطي الزمن زمن النسيان، وتموت حدة التصريحات، ونتجاهلها ثم نمر إلى أشياء أخرى وهكذا دواليك.

ومع ذلك لا بأس من بعض “النكير”، فما قاله الرباطي خطير جدا وهو يورط فريقا بحجم الرجاء في أمور من اللازم أن يكون منزها عنها، ومن العيب على الأقل من جهتنا كصحافة أن نعتبر أن دورنا نحن أيضا هو أن ننتظر انطفاء شعلة ما أطلقه أمين من صواريخ ومن شماريخ.

لاـ العكس هو الصحيح. وعلينا إذا كنا صحافيين فقط -لا تابعين لهذه الجهة أو لتلك في الرجاء- أن نتشبث بالموضوع، وأن نعود إليه كل مرة إلى أن تستحي جامعة الكرة في البلد، وإلى أن يشعر وزير العدل بمسؤوليته، وإلى أن يقتنع المتورطون أن “فضيحة العرض” ستلاحقهم إن لم يلاحقهم القضاء المفترض فيه أن يتولى التحقيق معهم.

دعونا نقول بعض الأشياء التي يعرفها كل المبتدئين في عالم الكرة في المغرب: السمسرة هي التي أصابت كرتنا المحلية في مقتل. لم نعد نتأهل إلى كأس العالم منذ 1998 ولم نعد نلعب في كأس إفريقيا أكثر من ثلاث مباريات بسبب السماسرة.

سماسرة في الفريق الوطني، وسماسرة مشابهون في الدوري المحلي. وحين تجالس لاعبين أو مدربين أو إداريين من الفرق المحلية أو من المنتخب تصاب بالرعب لكم الحكايات التي يروونها لك. أما حين تجالسهم والدوري المحلي على أعتاب نهايته فقد تصاب بما يفوق الرعب إذا واصلت الإنصات إليهم. وقد أعطاني أحدهم في سنة من السنوات النتائج المقبلة لأربع دورات أخيرة من البطولة الوطنية، وتحققت نبوءته وضحك حين قلت له “سير العب طوطو فوت أحسن ليك”، وأجابني “هاد الشي قالوه ليا وكنت حاضر للتفصال ديالو. ما نقدرش”.

هل كذب الرباطي على الرجاء؟ وهل يعاني الدوري المحلي من عمليات بيع وشراء حقا؟ هل تورطت بني ملال والقنيطرة السنة الماضية في فضيحة تلاعب؟ وهل حقا اشترت الرجاء لقبها مثلما قال امين؟

في الشعار الذي يردده ألترات الفريق الاخضر الجواب واضح “ما بعنا ما شرينا والبطولة على مولانا”، لكن في دواخل الدواخل أمور أخرى كثيرة وخطيرة لا تقال، وحتى حين يتجرأ أحدهم ويقولها مثلما وقع للرباطي يكون الرد هو الاتهامات المضادة والبحث عن التعويم والمسارعة إلى التهديد ثم انتظار إقفال الملف والسلام.

ولو فتحت الكرة المحلية ملفاتها لفتحتها أول ما فتحتها على مسألة تكليف مدرب أجنبي بإدارة المنتخب المحلي لسنوات وكل مرة بمبرر وإسم جديدين. ولو فتحت الكرة المحلية ملفاتها لفتحت سؤال الديربيات الكبرى وسر التعادل المتكرر فيها دوما. ولو فتحت الكرة المحلية ملفاتها لفهمنا لماذا تتكرر الرحلات إلى أوربا بحثا عن محترفين لا نرى منهم أثر الاحتراف حين يدخلون الملعب. ولو فتحت الكرة المحلية ملفاتها لفهمنا لماذا أصبح لاعبونا المغاربة فجاة يقصدون الخليج وهم في بداية العمر الكروي. ولو فتحت الكرة المحلية ملفاتها لفهمنا سبب طرد الزاكي من جنة الجامعة والمنتخب. ولو فتحت الكرة المحلية ملفاتها لفهمنا سبب وسر اغتناء بعض حملة الأقلام من المشتغلين في مجال الصحافة الرياضية دون وجه حق. ولو فتحت الكرة المحلية ملفاتها لعرفنا لماذا مات لاعبون ومدربون في ربيع العمر بالفقصة. ولو فتحت الكرة المحلية ملفاتها لكان أغلب مسيري الفرق الوطنية ومعهم لفيف من خيرة الجامعين موزعين على سجون المملكة يقضون فيها الأيام ويعضون أصابع الندم على ما اقترفوه.

لكننا بلد لا يفتح الملفات. نحن بلد يفضل إبقاءها مغلقة ويفضل ترك الجمل الشهير “باركا” إلى أن أصيب ببوزلوم وبكل أمراض البرد وانعدام الحركة.

باختصار نفضل، وإن رأينا جميعا بأعيننا ما يقع أن نتجاهله، ونفضل أن نقول مستغربين “اواه؟ أمين الرباطي كيتهم الرجا بهاد الشي؟ ما يمكنش”.

نفضل تمثيل دور “المقلوبة عليهم القفة” إلى أن انتقلنا من التمثيل إلى التماهي مع ما نمثله وجعله اليوم حقيقة راسخة: نرى المنكر بأعيننا ونصمت عنه لكي تبقى العجلة سائرة والكرة تدور والسلام رغم أنها مفشوشة، لكنا لا نستوعب ذلك على الأقل إلى حد الآن.