• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الجمعة 26 أبريل 2013 على الساعة 11:54

أحمد عصيد

أحمد عصيد لمختار لغزيوي [email protected]

لمختار لغزيوي [email protected]
له أولا الاحترام اللاينتهي مني ومن الآخرين، نرمقه بالإعجاب الكامل منذ حين غير قصير، ونمني النفس أن تكون البلاد ملآى بأناس مثله قادرون على قول المغاير من الكلام وإن لم يعجب الراقدين تحت تراب اليقينيات الزائفة. منذ متى نعرف أحمد عصيد؟
منذ أزمنة وأزمنة وأزمنة. أتخيله باستمرار طينا مغربيا صميما فيه من تمازيغت شوية، ومن تصحراويت شوية، ومن تمدنيت شوية. فيه منا كل شيء، وله القدرة على الصدح بما في العقل والخاطر، دون نسيان كلام القلب.
عندما علمت أنه ينشد مع فرقة من عشاق الشعر أهازيج الفرح والحياة، ارتحت مرة أخرى ووجدت التفسير لكثير من شجاعته. المتكلسون عادة يكونون أعداء للحياة، لا يحبون شعرا، ولا يترنمون بأغنية. يرسمون أفق انتظار مألوف منذ اللحظة الأولى حتى لحظة المغادرة ولا يثيرون أي شيء. تمر قربهم فتجدهم بلا طعم ولا لون ولا رائحة. تريد أن تحبهم فلا تستطيع، تحاول كرههم، فلا يليق. يبقون هناك إلى أن تنساهم والسلام
عصيد عكسهم يثير الجدل. وفي بلد مثل البلد، اتفق فيه التوافق على الاتفاق، ما أحوجنا باستمرار إلى القادرين على إثارة هذه الكلمة اللعينة لكن المفيدة والأساسية المسماة الجدل. جمعتني به قراءتي لما يكتبه وأنا في أول العمر، وكنت أوقن باستمرار أن هذا الصوت الأمازيغي هو صوت مغربي باختصار، يختزل عمق النقاش المراد تركه موؤودا في البلد في بعض كلمات ومقالات ومداخلات هنا وهناك.
ثم رأيته عن قرب في “يقظة مواطنة” أردناها حلما جماعيا لصون البلد ذات يوم، أو في حوار إذاعي عابر وهو يكتب بلسانه البليغ كلمات الانتماء لعصر الناس هذا لا للعصر الحجري الذي لم يعد له مكان بيننا، وبعد ذلك صرت ألتقيه في الكلام وبوحه المنشور لدينا كل أربعاء أو في أحاديثه عبر الصباح أو في إطلالته عبر الاتحاد الاشتراكي. ومع الإعجاب بغزارة الإنتاج، ومع التنويه بالحضور المستمر مكتوبا ومسموعا ومرئيا وبشكل حي في كل مكان، كنا نجد في أحمد صوتنا الجماعي. نريد سندا آخر لمعركة مغربية فعلية من أجل هذا الانتماء، ونتصوره ضروري البقاء معنا لأن أياما كالحة تنتظرنا وسنوات صعبة تأتي على ظهر الجهل السائد والمسيطر على المكان
لذلك حين رماه حسن الكتاني بالكفر, جزعنا ولم نستغرب. وعندما قال الفيزازي إنه “حاول هداية عصيد ولم ينجح”، حركنا الرأس يمنة ويسرة بحثا عن عقلاء في البلد يؤكدون لنا ماسمعناه، ثم انزوينا في الظل ننتظر.
هي ليست أول مرة يكفر فيها عصيد من طرف التيار المتأسلم، وهي ليست أخر مرة بالتأكيد، لكنها هذه المرة كانت أقسى والكلمات تخرج من أفواههم صريحة واضحة لا لبس فيها.
نود أن نطرح عليهم السؤال ونتردد: من أعطاكم حق تكفير الناس؟ من منحكم القدرة على ارتكاب هذه الكبيرة الخطيرة؟ من خول لكم هذه القدرة التي تفوق مقدرات الإنسان؟
هم لا يردون لأنهم لايهتمون إلا بالكلام الذي يساير هواهم، وجريرة عصيد في نظرهم وجريمته هي أنه يقول لهم حقائقهم الأربعة باستمرار، وبكلام العقل لا بكلام العاطفة فقط. يذهب متأبطا كل كتبه ومكتوباته إلى التاريخ لكي يستل لهم منه الحجة هنا والدليل هناك على تهافت فكرهم، وعلى استحالة وصول هذا الفكر يوما إلى السيادة في بلد مثل البلد.
الطبيعة، القدرة الربانية, صدفنا الحياتية، شيء ما أهدانا هذه الحصانة، وشعبنا غير مستعد للتفريط فيها. لذلك يحس المتشددون من أهل التيار المتأسلم بالغيظ أكثر مرة بعد الأخرى، وهم يعلمون أن معركة “مراكش” أو المغرب الأقصى أو بلاد المغرب، أو وطن “تمغربيت” هي معركة أصعب مما كانوا يتوقعونه.

ومع كل الاطمئنان أننا قادرون بوعينا الجماعي _لو حركناه فعلا_ على هزمهم لا نجد غضاضة من القول إننا نخشى على عصيد اليوم بشكل جدي.
الرجل يسير دون حراسة وبشكل عادي في الأرض, ومن الممكن في ظل الجهل المغتاظ من معركة الحرية أن يستل معتوه من العدم سلاحه لكي يسكت هذا الصوت المزعج، لذلك تبدو مسؤولية الدولة ثابتة في حماية أحمد عصيد، ويبدو أيضا ضروريا علينا جميعا _خصوصا إذا كنا مقتنعين بمعركة الحرية هاته في البلد اليوم_ أن لانصمت وأن نعرف أنها لعبة ورق، بمجرد أن تسقط الورقة الأولى منها ستتبعها بالتأكيد كل الأوراق.
صوت العقل سينتصر في هذا البلد، لكن معركته من أجل الانتصار ستكون حامية الوطيس، وصراحة نقولها: لا نريد لها ضحايا من الآن، أو على الأقل نريد أقل عدد منهم، وفي أبعد وقت ممكن مع علمنا ويقيننا أن المتأسلمين لن يصبروا طويلا قبل أن يمروا إلى الأسوء.
وبه وجب الإعلام مع الحزن على سيادة كل هذا الظلام.