• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الخميس 20 أبريل 2017 على الساعة 09:32

رسالة إلى روح إيديا…

رسالة إلى روح إيديا… رضوان الرمضاني facebook.com/ridouane.erramdani
رضوان الرمضاني facebook.com/ridouane.erramdani

 

صباح الخير إيديا. أتمناك بخير. ما زلت نائمة على ما يبدو. آسف على الإزعاج في هذا الوقت. أعرف أن الأطفال يحبون النوم كثيرا، ويحبون الحياة أكثر، والكبار يزعجونهم دوما، في نومهم وفي الحياة.
يبدو أنك استأنست بالمقام الجديد. أعجبك هذا البيت؟ هل من لعب هناك؟ تعرفت على أصدقاء جدد؟ استمتعي إذن. هناك أفضل لك من هنا. صدقيني، لن يضربك أحد، ولن يقسو عليك أحد، ولن يكذب عليك أحد. لن تعاني أبدا أبدا أبدا، فلا مكان للظلم هناك.
إيديا، لست على يقين أنك ستفهمين كلامي جيدا، فأنت ما زلت صغيرة جدا، ولا تهمك كثيرا أحاديث الكبار. معك حق في هذا، لا تبالي، فالكبار، عادة، واقعيون إلى درجة لا تطاق، بياعو كلام فقط. هذا ما نسميه الشعارات. لو كبرت بيننا لسمعت الكثير منها، لكنك غادرت قبل أن تجربي هذا المستنقع.
حتى لو كنت كبيرة، يا إيديا، ربما لن تفهمي كلامي، فأنا أكتب إليك باللغة العربية، تلك اللغة التي تدبلج بها الخردة التركية في القنوات المغربية، وأنت من هناك، حيث الأمازيغية لسان الناس، وحتى لو كبرت بيننا لم يكن مضمونا أن تكوني في المدرسة لتتعلمي.
لا عليك إيديا، إن لم تفهمي، ستشرح لك الملائكة ما أقصد، وقد تفهمين حتى دون شرح من أي كان. أنت ذكية جدا يا إيديا، رأيت ذلك في عينيك. أنت ذكية وصادقة، مثل كل أقرانك، وحدهم الكبار يتوهمون أنك لا تفهمين ولا تستوعبين ولا تعرفين من جعلك ترحلين قبل الوقت.
إيديا، دعيهم يعتقدون أنك سامحتهم جميعا، هكذا يخالون، يعتقدون أنك طفلة لا تعي الحقيقة، فقط لأنك لم تضربي ولم تشاركي في وقفة احتجاجية ولم تعتصمي ولم تضربي عن الطعام ولم ترفعي راية ولم تحملي صورا ولم ترددي شعارا. هكذا هم الكبار، يا إيديا، يتصورون أنك غير غاضبة، فقط لأنك كنت باسمة في تلك الصورة.
نسيت أن أسأل عن حالك إيديا. أنت بخير الآن. تخلصت من وجع الحياة، لحسن حظك.
أنت لا تعرفين من أكون، لكنني هنا أعرفك جيدا، فلا داعي لكل هذا الخجل على وجهك. خائفة؟ لا داعي للخوف إيديا، اطمئني، وابتسمي، فنحن من علينا أن نخجل ونخاف ونقلق.
إيديا، قبل أيام عرفت أنك مت. هنيئا لك إذن. هل أخبروك هناك أنك صرت رمزا هنا؟ رمزا لماذا؟ لخيبتنا الجماعية، ولظلمنا الجماعي، ولفشلنا الجماعي. رمزا للحرقة يا إيديا.
افرحي إيديا، فصورتك، منذ متت، في كل مكان. كنت جميلة جدا، وصرت أجمل. عيناك الباسمتان قاسيتان جدا يا إيديا.
يقولون إنك متت بسبب “سكانير خاسر” أو بسبب تشخيص خاطئ. لا تصدقيهم. لقد متت لأنك من هناك. من ذلك المغرب المنسي.
لن تتصوري كم التقط الناس من الصور لأجلك. لقد شاهدت بعضها على الفايس بوك. اجتمعوا قبالة البرلمان. كانوا من كل الفئات والأعمار. رفعوا الشعارات. نعم، فقد تضامنوا معك وهتفوا باسمك، وأقسموا بالانتقام لك، وتأثروا كثيرا لموتك. لقد رأيت الكثير منهم يبتسم، تأثرا وحزنا. لا تستغربي، لقد صار الحزن ممكنا بالابتسامات والسليفيات. لا تسأليني ما السيلفي يا إيديا.
إيديا، لا تحزني لأنك رحلت. فأنت محظوظة كما قلت. سينسونك طبعا. وقد جاء صاحب الفيراري ليشغلهم عنك إلى حين.
هنا مشغولون كثيرا. لا وقت لديهم للالتفات إليك. مشغولون للغاية. اعذريهم. ففي الوطن ما هو أهم من المواطن.
انصرفي إلى موتك واتركيهم في موتهم يا إيديا.

رافقتك السلامة.

#مجرد_تدوينة