• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الثلاثاء 11 نوفمبر 2014 على الساعة 12:47

رحيل الزايدي.. درس من الميّت إلى جماعة الأحياء!! (فيديو وصور)

رحيل الزايدي.. درس من الميّت إلى جماعة الأحياء!! (فيديو وصور)

20141110_163623_resized

رجاء غرب (من جماعة الشراط)

هنا بوزنيقة، المدينة المبتسمة في وجه كل طارق لبابها، خلفت الوعد هذه المرة، فشحوب الجو كان باديا على مداخلها، حركة سير غير عادية، وانتشار غير مألوف لشرطة الطريق، كيف لا والمدينة اليوم ستودع ابن أرضها البار، الذي عاش على خدمتها وخدمة أهلها.
رحل أحمد الزايدي، الإنسان قبل كل شيء، في حادث مؤلم لم يحسب له حسبان، لفظ الاتحادي أنفاسه الأخيرة، زوال أول أمس الأحد (9 نونبر)، إثر غرق سيارته في واد الشراط، هذا الأخير الذي ينتمي إلى الجماعة التي رأسها الراحل أحمد الزايدي.

موكب جنائزي ضخم

لا شيء ترجم مكانة زايدي في قلوب أبناء جماعته أكثر من الحضور المهيب الذي عرفته جنازته. موكب جنائزي ضخم عد خطواته الصغير قبل الكبير، الرجل والمرأة، ولم يتخلف أحد عن مرافقة الزايدي إلى مثواه الأخير.
حتى النساء كن استثناءا هذه المرة، فعلى قارعة الطريق الرابطة بين المسجد وبين المقبرة، اصطفت أفواج من العاملات في حقول العنب، يبكين سيدي أحمد الإنسان، الذي عاش بين داليات العنب في ضواحي بوزنيقة، فهو ابن الفلاح الذي ترعرع في التراب، ضرب موعدا أخيرا مع أبناء الأرض، الذين تركوا فلاحتهم وجاءوا يبكون ابن دارهم، الذي غادرهم دون موعد مسبق، فكانوا أوفياء له كما أوفى لهم قيد حياته.

موت تجمع ما فرقته السياسة
لم يكن الأمر مستوعبا، أن يلتقي عبد الإله بنكيران وإدريس لشكر في مكان آخر غير البرلمان والاجتماعات السياسية، وأن يكون الحديث بينهما وديا يخلو من أي مشادات واتهامات، غير أن جنازة أحمد زايدي كانت استثناءا، وكأن موته جاء برسالة لطوائف حزبية تصارع الزمن من أجل الوصول إلى السلطة.
الكل كان حاضرا، وعلى رأسهم المستشارون الملكيون فؤاد علي الهمة وعمر عزيمان وعبد اللطيف المنوني، ورئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار، ووزير النقل والتجهيز عزيز رباح، ووزير السكنى نبيل بنعبد الله، ووزير السياحة لحسن حداد، ووزير الاتصال مصطفى الخلفي، والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة مصطفى بكوري، ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي نزار بركة، وآخرون كثر.
رفاقه في حزب الاتحاد الاشتراكي كانوا أوفياء للحظة تحتاج إلى ذلك، ورافقوا جثة الراحل من بيته إلى المكان الذي ووري فيه الثرى، فرغم الانقسامات والصراعات الداخلية للحزب، إلا أن الموت جمع ما فرقته أمور أخرى، فلا مكان هنا للجدال ولا حتى المناقشة، الكل يتقبل التعازي من الكل، وكأن الحضور الكبير تربطه بالراحل علاقة أسرية.
لا شيء سوى الحزن كان باديا على وجوه الجماهير الغفيرة التي شيعت أحمد الزايدي، فهكذا تتشابه جنازات الزعماء في العالم.

الطريق القاتلة
بعد أقل من 24 ساعة على غرق سيارة أحمد الزايدي، القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي، بدأت أشغال تفريغ قنطرة واد شراط من منسوب المياه الذي “قتل” الزايدي.
كيف دخلت السيارة هنا؟ وكيف غمرتها المياه؟ وكيف غرق الزايدي وكيف وكيف…، كلها تساؤلات يطرحها أناس تجمهروا حول قنطرة واد الشراط، ينتظرون إجابات ترضي فضولهم، لكن لا مجيب هنا، سوى رائحة الموت التي مازالت تغطي المكان.

أحمد زايدي الإنسان
ولد أحمد الزايدي في العاشر من مارس سنة 1953 في مدينة بوزنيقة، انتماؤه إلى عائلة بسيطة تعتمد على الفلاحة كمورد رزق أساسي لها، جعل زايدي يرتبط بالأرض ارتباطا وثيقا.
درس زايدي بين مدينته وفي العاصمة، قبل دراسة الحقوق في الجزائر، ليدخل عالم الصحافة، كصحافي في القناة الأولى، والذي استمر عمله داخلها حوالي 20 سنة، تألق خلال هذه المدة في مختلف إطلالاته الإعلامية.

حادث الغرق
لم ترحمه مياه الفصل، الذي بعثت أولى قطراته على المنطقة دون رحمة، وملأت طريقا صغيرا تحت قنطرة في جماعة الشراط، فجرفت سيارة الزايدي وهو يحاول العبور.
الزايدي الذي اتصل بالوقاية المدنية، قبل دقائق قليلة من الرحيل، طالبا تفريغ الطريق، لم يكن يعلم أن الروح ستسلم باريها في المكان نفسه.
لم تعطف المياه الراكدة على الزايدي، فأحكمت قبضتها إلى أن تركته جثة هامدة.
مختلف في أعماله، مختلف في أفكاره، هكذا كان الزايدي الذي باغتته الموت فجأة، مات وماتت معه وردة الاتحاد، رحل الإنسان والمواطن والمسؤول والإعلامي والسياسي، رحل الرجل تاركا وراءه صراعات حزب، يمكن أن يأخذ العبرة من موته، ومن الممكن أن تلعب ورقة رحيله لصالح جهات دون الأخرى، رحم الله الرجل فقد كان رحيله عبرة للأحياء.