• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الخميس 05 يوليو 2018 على الساعة 16:47

دفاعا عن المقاطعة!!

دفاعا عن المقاطعة!!

مثل سائر التحركات المجتمعية، الافتراضية منها والواقعية، ألبس البعضُ “حملة المقاطعة” كثيرا من مظاهر التشنج والعنف اللفظي والحروب النفسية.

هذا البعض، ومن حسن الحظ أنه مجرد “بعض”، بين أغلبية تعبر عن مواقفها برقي واحترام، (هذا البعض) هو الذي حوّل المقاطعة من سلوك مجتمعي متمدن (نظريا)، ومن أسلوب احتجاجي راق (نظريا) إلى وسيلة لتصفية الحسابات (افتراضيا)، ولشن الهجمات (افتراضيا)، ولتوزيع “صكوك” التخوين، ولنزع صفة المواطنة ولقب “أولاد الشعب” عن “غير المنخرطين”. وهذا البعض، أو جزء منه تمادى في المهمة، هو الذي حوّل المقاطعة من وسيلة دفاع (عن القدرة الشرائية) إلى وسيلة هجوم (على “الخونة”)، ومن سلاح لمقاومة “جشع” الشركات، إلى سلاح (غير) أبيض لـ”الكريساج” المعنوي في حق من اجتمعوا وقرروا في حقهم أنهم مجرد “خونة للشعب باعوا الماتش”.

وما يثير الاستغراب أكثر هو أن الهبّة التي كانت ضد وزير المالية، بعدما وصف المقاطعين بـ”المدوايخ”، وتلك التي كانت ضد إطار في شركة الحليب زلّ لسانه فوصف مقاطعة الحليب بـ”خيانة الوطن”، ولا تلك التي حدثت ضد وزراء ومسؤولين كُثر، (هذه الهبّات) لم تحدث، ولو بشكل مصغر، حين تخصص الكثيرون في وصف من عبّروا عن موقف متحفظ، أو حتى تحفظوا عن التعبير عن موقف مما يحدث (لأن الأمر حرية في نهاية المطاف)، (وصفهم) بـ”الخونة” و”الكلاب” وما جاور ذلك من الكلام المتسخ. وقد تحول الكثير من الصفحات الفايسبوكية إلى فضاءات للتجييش ضد “أعداء الشعب”، ولاختلاق الأكاذيب ضدهم، ولترويج الأخبار السفيهة السوريالية عن “صفقاتهم بالملايير”. وآخر نموذج لهذه “الغارات” هو ما يتعرض له من ارتأوا أن يوقعوا على نداء لتعليق مقاطعة الحليب. بين عشية وضحاها تحول الكثير ممن كانوا يوصفون بـ”المناضلين”، إلى مجرد “خونة”.

ومثلما حدث مرات كثيرة، في محطات كثيرة، تحوّل “الأسلوب الاحتجاجي النبيل الراقي”، نظريا مرة أخرى، إلى شكل من أشكال الابتزاز، مع طرح سؤال “واش انت معنا ولا ماشي معنا؟”، وهو أمر خطير للغاية. وعوض أن ينتشي ذاك البعض بقرارات حكومية أو مؤسساتية تتجاوب مع مطالب المقاطعين، تراه ينتشي بكمّ السب والشتم في حق “الأعداء” و”الخونة”، وهذا في حد ذاته مؤشر على مرض مجتمعي سائر في الانتشار، لكن الأغلبية تتغاضى عنه خوفا من الموجة، أو استهانة بها، في انتظار أن يصيبها وتصير ضحية له.

احفظو للمقاطعة نُبلها… وكذّبوا المثل القائل: إذا… مُغربت خُرّبت.