اعتبر رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أنه “لا يمكن الحديثُ عن الحق الفعلي في الصحة، وملايينُ الناس خارج التغطية”.
وقال حموني، في تعقيب للفريق خلال جلسة الأسئلة الشهرية للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة الموجَّهَة إلى رئيس الحكومة، اليوم الاثنين (7 يوليوز)، بمجلس النواب، “ما معنى أن تعطوا مواطناً 500 درهم كدعم مباشر، وتَفرضُوا عليه أداء الاشتراك في التغطية الصحية بقيمةٍ تناهز 200 درهم!؟ (92 في المائة من المصَّنَّفين قادرين على أداء الاشتراك عندهم مُؤشر قريب جدًّا من عتبة الاستفادة المجانية من التغطية الصحية، لكنهم لا يستفيدون منها)”.
وأضاف البرلماني حموني مخاطبا رئيس الحكومة: “لا يُمكنكم الحديث عن نجاح تفعيل ورش التغطية الصحية، وعددُ العمال غير الأجراء الذين يؤدون الاشتراك لا يتجاوز 30 في المائة، بسبب عدم القدرة أو عدم جاذبية الخدمات، مما يهدد في العُمق الاستدامة المالية لصناديق التغطية الصحية، العاجزِ بعضُها ماليا والمشرف على الإفلاس، بسبب التدبير، وارتفاع ضغط الطلب، والتحوُّل الديموغرافي”.
واعتبر رئيس الفريق أن المعضلة العُظمى هي الموارد البشرية، مردفا: “أتساءل: من سيشتغل في هذه المستشفيات العمومية التي تُبنى!؟ ونحنُ أمام عجزٍ مزمن وهائل، وأمام هجرةِ ثُـــلُثِ الأطباء نحو الخارج، وعدم إقبال الخريجين على مباريات التوظيف العمومي، وأمام ضُعف توفُّر الأطباء في المراكز الصحية، والمتخصصين في أغلب المستشفيات… ومع كل هذا أصرّت الحكومة على التعنُّت “الخاوي” في أزمة طلبة الطب والصيدلة السنة الماضية “بحال يلا كتزيدو تْفْقّْدُوهْمْ الثقة فالبلاد وفْالقطاع العمومي”.
واسترسل المتحدث: “الحق في الصحة يعني السيادة الدوائية، ويعني الحق في الولوج إلى الأدوية وفق القدرة الشرائية للأسر؛ لكن، للأسف، سوق الأدوية مُخترَق من طرف اللوبيات، وفيه تواطؤات خطيرة، ومضاربات، واحتكارات، بما يحتاج إلى إرادة سياسية قوية للمواجهة”.
وسجل النائب البرلماني أن ضُعفُ الاعتماد وطنيًّا على الدواء الجنيس (أقل من 40 في المائة، في مقابل 60 في المائة كمتوسط عالمي) “ليس قَدَراً مَحتوماً، بل هناك حربٌ قذرة توظف فيها آليةُ عرقلةِ التراخيص الإدارية”.
وفي هذا السياق، أشار إلى أن “ارتفاع الاعتماد على الاستيراد، بشكلٍ هائل، ودون مراقبة للجودة، ليس دائماً ضرورياًّ، بل أنَّ في الأمرِ “صِناعَةٌ غير مشروعة للفُرص الريعية”، وتلاعبات،وتزوير لشهادات المنشأ، وتهرُّبٌ جمركي، وفواتير وهمية، ورهاناتٌ لتهريب العُملة الصعبة بالملايير”.
وتابع قائلا: “وهنا نستحضر أنَّ الفرق أحياناً بين السعر المصرح به في الجمارك وبين سعر البيع للمستهلك المغربي هو 300 في المائة… وعموماً أرباح الأدوية تتراوح بين 30 في المائة و40 في المائة، وهي هوامش غير مقبولة”.
هذه “الاختلالات”، حسب البرلماني حموني، “لها ثلاثُ ضحايا؛ وهم أولاً: جيبُ المواطن، حيث أسعار الأدوية المستوردة أغلى 3 إلى 4 وحتى إلى 10 مرات مقارنة ببلدان أخرى؛ ولذلك لا يتجاوز معدل استهلاك الدواء في المتوسط 450 درهماً لكل مغربي سنويا، في حين أن هذا المعدل يبلغ ستة أضعاف هذا الرقم في أوروبا، وثانيا: صناديق التغطية التي تُستنزَفُ مواردها في تعويض أدوية مستوردة باهظة الثمن، عوض الاعتماد على الصناعة الوطنية والدواء الجنيس، وثالثاً: مالية الدولة التي تُحرمُ من مداخيل جمركية وضريبية هامة جداًّ”.
وخلص حموني إلى التأكيد على أن “الحق في الصحة يعني فعلاً الكرامة، لكن ذلك يَظلُّ بعيد المنال في عهد هذه الحكومة”، على حد قوله.