• لطيفة رأفت: تعرضت لضغوطات نفسية وأي واحد تجرأ أنه يمسني غادي نلجأ للقضاء
  • بعد دعوات لمقاطعة حفله في موازين.. الفنان التونسي “بلطي” ينفي دعمه للبوليساريو
  • لتحليل العلاقات بين المغرب وإسبانيا والبرتغال.. منتدى حقوق الإنسان لمهرجان كناوة وموسيقى العالم ينظم لقاءً بالصويرة
  • بإيقاعات شمالية.. بلقيس فتحي تطرح أغنية مغربية جديدة (فيديو)
  • صوّراها في الرباط.. سعد لمجرد وحاتم عمور يزيحان الستار عن أغنيتهما “محبوبي” (فيديو)
عاجل
الثلاثاء 11 يونيو 2024 على الساعة 22:46

الاستسلام للجرف!

الاستسلام للجرف!

واقعة مروعة بمدينة آسفي. شابة في ربيع العمر تقدم على إنهاء حياتها برمي نفسها من جرف، بعد اكتشاف أنها كانت تغش في امتحان البكالوريا. هذه الحادثة الأليمة تفتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول النظام التعليمي، والضغوط النفسية التي يتعرض لها الطلاب، وأهمية الدعم النفسي والاجتماعي في مثل هذه الحالات.

صحيح، امتحان البكالوريا يمثل نقطة تحول في حياة كل طالب وطالبة، هو مفتاح من مفاتيح المستقبل المهني، لكنه ليس الوحيد. فهل يستحق هذا الامتحان أن يدفع الطلاب إلى حافة اليأس والانتحار؟

للأسف، نظام التعليم الحالي يُلقي بظلاله الثقيلة على الطلاب، محولا الامتحانات إلى مسألة حياة أو موت، بدلا من أن تكون فرصة لتقييم المعرفة والقدرات. وفقا لنظرية الضغوط النفسية لهانس سيلي، يمكن أن تؤدي الضغوط المفرطة إلى انهيار نفسي وجسدي، مما يجعل الأفراد يشعرون بالعجز واليأس.

هنا تلعب الحمولات المجتمعية دورا كبيرا في زيادة الضغوط النفسية على الطلاب. التوقعات العالية من الأهل والمجتمع قد تجعل الطالب يشعر بالخوف من الفشل، وبالتالي يلجأ إلى الغش كوسيلة للنجاح بأي ثمن، ثم يدفع الثمن بشكل من الأشكال.

هذه الحادثة الأليمة تذكرنا بمدى أهمية الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب، وهو ما يغيب عن مؤسساتنا التعليمية. على المدارس أن توفر خدمات استشارية نفسية للطلاب، تساعدهم في التعامل مع الضغوط النفسية والقلق. وفقا لنظرية الدعم الاجتماعي، فإن وجود دعم قوي من العائلة والأصدقاء والمدرسة يمكن أن يحمي الأفراد من تأثيرات الضغوط النفسية ويعزز من قدراتهم على التعامل معها. كما أن الأهل مطالبون بتفهم أكثر، ودعما لا مشروط لأبنائهم، وأن يعلموا أن الفشل ليس نهاية العالم بل هو جزء من رحلة الحياة.

دورنا كمجتمع ومؤسسات تعليمية، أن نعمل على تغيير نظرتنا للتعليم والنجاح. علينا أن نلقن الطلاب أن النجاح الحقيقي لا يقاس بالدرجات فقط، بل بالقدرة على مواجهة التحديات، والتعلم من الفشل، والتطور المستمر. وعلينا أن نعمل على توفير بيئة تعليمية تشجع على النزاهة، وتوفر الدعم اللازم للطلاب لتجاوز الصعوبات النفسية. يقول الفيلسوف البريطاني برتراند راسل: “التعليم هو ليس مجرد تحصيل المعرفة، بل هو القدرة على استخدام المعرفة لتحقيق أهداف إيجابية”.

واقعة انتحار الشابة في آسفي هي نداء استغاثة يجب أن نلتقطه بجدية. لا يمكننا أن نترك شباب مقبل على الحياة يعانون في صمت، علينا أن نكون أكثر وعيا وتفاهما لحالتهم النفسية، وأن نعمل على تحسين نظام التعليم والثقافة المجتمعية لتجنب تكرار مثل هذه المآسي.

وأعيد، الفشل في الامتحان ليس نهاية الحياة، فهذه الحياة مليئة بالفرص الجديدة للتعلم والنمو، لذا يجب أن نساعد طلابنا على تجاوز الفشل والتعلم منه، بدلا من الاستسلام “للجرف”.